: آخر تحديث

(ابن ثادق العصامي المبتكر) لسليمان الماجد ‏

4
4
4

حمد بن عبدالله القاضي

كتاب مشوِّق ثري يستمتع القارئ بقراءته وبقصصه، عنوانه «مغالبة حياة: مسيرة أب»، ألَّفه الكاتب عن والده العصامي عبدالله بن عبدالعزيز الماجد -رحمه الله- براً به فضلاً عن أن والده من جانب آخر نموذج استثنائي من الرجال، فقد عاش وخدم مجتمعه بصبر وكفاح وعزيمة وذهن تجاوز السائد، وكثيرون عندما تمر بهم هذه الظروف قد لا ينطلقون في هذه الحياة أو لا تكون لهم عطاءات تُذكر لغيرهم.

* * *

‏لكن والد الكاتب -بتوفيق الله أولاً- انتصر على هذه الظروف وانطلق في مسيرة حياته ومارس الكثير من المهن، بعضها لم يوفَّق فيه وبعضها وُفِّق فيه.. وإلى جانب ذلك -وهنا تميزه- قيامه بابتكارات واختراعات من أدوات البيئة المتواضعة نفسها وعلى قلتها، ‏فقد استطاع أن يخترع أشياء أفاد بها الناس وخاصة المزارعين في وقته في ميادين الفلاحة وفي مجال حفر الآبار وما فعله في ذلك الوقت أمور بالغة الأهمية؛ فالزراعة مرتكز اقتصاد وحياة الناس، قبل ظهور البترول بشكل تجاري

‏أمر ثالث، وعي وقدرة والده -رحمه الله- على إدارة الوقت؛ فهو مسؤول عن أسرته ووالديه ومزرعته ومساعدة الناس والقيام بأشياء يحتاجون إليها كالزراعة والتطبيب.

‏فمثلاً في الطب روى المؤلف قصة لطيفة عن الناشئ الذي تعب من ضرسه وذهب للمستوصف وأتعبوه ومرّ هو وأبوه من عند والد المؤلف، وطلب والد الناشئ أن يخلع ضرس ابنه وفعلاً قام بخلعه بطريقة لطيفة ولم يتأثَّر أو يتألم الابن بخلعه وأنهى معاناته وألمه.

وتحدث الكاتب عن أريحية والده بقضاء حوائج الآخرين وأورد قصصاً ومواقف شهامة له

‏ولهذا بعد وفاته فقده الكثيرون ليس أقاربه فقط، بل كل من عرفه في ديرته محافظة ثادق وفي أي ديرة أخرى

‏والعجيب، بل الجميل أن صاحب السيرة لم تكن هناك مراكز بحوث ولم يكن هناك تطور للعلم ولم توجد مختبرات كما قال أخي د. عبدالله الحيدري في مقدمة الكتاب لكن من شغفه بالمعرفة والتجريب جاءت ابتكاراته البسيطة التي يسرت وأوجدت الحلول للمزارعين وغيرهم من خلال توظيفه الإمكانات البدائية.

أحسب هذا الكتاب بقدر ما أن رسالته الأولى البر بوالد الكاتب لكنه بالحقيقة أعطى الناس والشباب رسالة في الصبر والعصامية وعدم الاستسلام للسائد بمعنى أن على الواحد ألا يستسلم للظروف، بل عليه أن يكتشف ويحاول.

‏وهناك بالتاريخ أسماء مخترعين وناجحين من رجال ونساء عرب وغيرهم تجاوزوا الصعوبات وعانقوا النجاح ولو كان والد المؤلف موجوداً في هذا العصر لكان شيئاً آخر لكن أحسب أنه نفع كثيراً بزمنه، وبغياب الآلات والأجهزة التي تيسر حياة الناس.

كتاب ثري بالتجارب وليس التنظير.. فهو كتاب سيرة غيرية عن رجل عصامي من «جيل الطين» كما أسميه وقد أجاد الكاتب ومراجع الكتاب أ. حميد الأحمد الذي كان موفقاً بإصداره بما يرقى إلى هذا الراحل العصامي المبتكِر.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد