: آخر تحديث

صالح الخليوي.. التاجر الزاهر

0
0
0

عبده الأسمري

ما بين «إثراء» التجارة و»استقراء» الجدارة، حصد «الثراء» من عمق «الإصرار» إلى أفق «الاعتبار» في متون الضيافة وشؤون السياحة.

انطلق راشداً ليزرع في أرض «البدايات» بذور»التغيير» مستنداً على «طموح» عميق سكن ذاته وغمر وجدانه ليحصد «ثمار» التفوق من واقع «الاسم» ووقع «الصدى» الذي تردد في أرجاء «الصحراء» وتمدد في أنحاء «المدن».

واءم بين «بساطة» الانطلاق و»مهارة» الوفاق بين العرض والطلب ليرسم على صفحات «المتاجرة» ملاحم من «المثابرة» قوامها حب المغامرة ومقامها يقين المصابرة.

أنه رجل الأعمال الشيخ صالح بن ناصر الخليوي -رحمه الله- أحد أبرز التجار وصناع الضيافة والسياحة في السعودية والخليج.

بوجه «نجدي» تسكنه ومضات «الوقار» وتعلوه سمات «التواضع» وتقاسيم مألوفة مشفوعة بطيب المحيا ومسجوعة بجميل الذكر وملامح تتكامل مع سحنة ندية تتشابه مع أسرته وتتماثل مع عائلته وعينان تسطعان بنظرات «التروي» وتلمعان بلمحات «الإنصات» وشخصية متزنة يغلب عليها حسن الخلق ومكارم السلوك ومحيا قويم يعتمر»الأناقة الوطنية» التي تتوحد بتشكيل ثابت وشكل متأنق، ولهجة نجدية عامة مجللة بالنصح ومكللة بالتوجيه، وعبارات مزيجة ما بين وقائع «الاقتصاد» وحقائق «السداد» واعتبارات تجارية تنبع منها «أرقام «الاستثمارات وتتجلى وسطها «أعداد» الصفقات، قضى الخليوي من عمره عقودا وهو يؤصل مسيرة العطاء التجاري والسخاء الاستثماري ويبني أركان التجارة ويرسخ قواعد الاستثمار في متون العمل الفندقي وشؤون المستقبل العائلي» كرجل أعمال وأنموذج تميز ووجه إنجاز ترسخ اسمه في «عوالم» المستثمرين وتأصل صداه في «معالم» البارزين.

في مدينة الرس الراسية باعتزاز في محيط منطقة القصيم ولد وعاش طفولته الأولى بين أب كريم مشهور بالجود بين قومه وبالعلياء بين عشيرته وأم مثابرة من نساء «نجد» الفضيلات التي عرف عنها حنان «القلب» وسخاء «الجانب» وظل يرصد في آفاق سنواته الأولى «مشاهد» العابرين على دروب «الترحال» و»شواهد» الماكثين في ثنايا» الاغتراب» فتشكلت في ذهنه «الصور الذهنية» الباكرة عن معاناة «التنقل» ومناجاة» الذات» عن رحلة «الرزق» بحثاً عن «إضاءات» مستقبلية محجوبة في طيات «الغيب».

ظل يسمع من والده وأقاربه عن «مرويات» الحنين المحفوظة في صدور» الأجداد» و»حكايات» اليقين المتناقلة عبر ألسن «الآباء» فظل ينسج في مخيلته» ملاحم» سفر وشيك على عتبات «الانتظار».

تعلم مبادئ أولى للقراءة والحساب وظل يسجل في ذاكرته «مناهج» تعلمها من «تجارب» الحكماء الذين مروا أمامه بثبات وإثبات في شرائط «الذاكرة» واستقروا حوله بجلاء ووضوح في خرائط «الاستذكار».

جهز الخليوي أغراضه البسيطة وزوادة سفره وولى وجهه شطر الشمال الشرقي نحو مدينة حفر الباطن التي كانت «منبعا تجاريا» للعابرين بين الكويت والسعودية الذين تلاقوا في محطات السفر وتشاركوا في واجبات «الصبر» وتقاطعت مصالحهم في منظومة «الأمنيات».

بدأ الخليوي مسيرته التجارية من واقع «المعروض» ووقع «الطلب» وذلك في بداية الخمسينيات حيث خصص أيامه الأولى في السؤال والاستفسار بعد استقراره في «المدينة البكر» القابعة على صحراء شاسعة تزينها بعض «الشجيرات» وحوانيت صغيرة مكتظة بالمسافرين ومواقع بدائية تحتضن القادمين على أجنحة «الغربة» حيث استأجر محلاً صغيراً للمواد الغذائية والكماليات معتمداً على «بعد نظر» مبكر غمر وجدانه مما دفعه إلى توسيع نشاطه التجاري والعمل على استيراد البضائع الناقصة والمنتجات الضرورية التي يطلبها الأهالي والمتسوقون، وقام باستيراد الأجهزة الكهربائية وجملة من المنتجات الغذائية والتموينية المطلوبة في حيز «الزمان والمكان»

وفي عام 1959 أحدث الخليوي النقلة الأولى لتجارته بعد أن رأى وجوب اتساع نشاطها وتوسعة مجالاتها حيث أسس «مؤسسة صالح بن ناصر الخليوي وأولاده التجارية» والتي كانت «البداية الحقيقية» و»المنبع الأول» لإنشاء مجموعة «بودل الفندقية» في وقت لاحق.

تعلم «التاجر المثابر» الأصول الأولى لصناعة اسمه التجاري وتعزيز مكانته الاستثمارية، وظل يعزز في اتجاهات عمله التركيز على الأمانة والإخلاص والربح القليل وتنمية المال بالصدقة والخبيئة التي طالما تظلل تحت أفيائها باحثاً عن «أسرار» خفية تدفع عجلة «الرزق» حتى نال غنائم «الذكر الطيب» وحصد مغانم «الشكر المستوجب» من العاملين والمتعاملين والعملاء ضمن شعار ذاتي وضعه كأساس بنى عليه صروح «السمعة».

توسعت الأفكار ورأى الخليوي أن هنالك ضرورة كبرى لتوفير الإقامة المريحة والمتكاملة في حفر الباطن في ظل ارتفاع عدد السكان والمسافرين وطالبي الخدمة حيث افتتح عام 1984 أول فندق يحمل اسم «الخليوي» في حفر الباطن والذي كان بمثابة «الشعلة» الأولى التي أضاء بها مسيرة الاستثمار الفندقي لمؤسسته التي تحولت إلى مجموعة فندقية كبرى على مستوى الوطن والخليج، ووصلت لتشمل أكثر من 40 فندقاً ومنتجعاً، وما يزيد على 3900 غرفة فندقية في السعودية والكويت بحلول عام 2019، لتصبح واحدة من كبرى مجموعات الضيافة والسياحة والفندقة محلياً وعربياً.

توسعت تجارة الخليوي لتشمل «وكالة الخليوي للسفر» التي تمت انطلاقتها عام 1999، و»مدينة بودل لاند» الترفيهية التي افتتحت عام 2000، مما أسهم في تعزيز السياحة المحلية والعائلية. وفي عام 2006 أسهم الخليوي مع أبنائه محمد وسيف ومزيد وخالد وناصر وعبدالعزيز في رفع إيرادات الشركة وتحويلها إلى شركة مساهمة مغلقة، وتوحدت العلامات التجارية التابعة للمجموعة عام 2022 تحت مظلة واحدة باسم «مجموعة بودل للفنادق والمنتجعات». وتضاعفت تلك الأعداد لتصل إلى كل مناطق المملكة ودول أخرى من خلال الفنادق والشقق الفاخرة التي ارتبطت بفنادق ومنتجعات «بودل وعابر وبريرا ونارسيس» وغيرها من الأعمال والاستثمارات المختلفة.

ركز الخليوي على المسؤولية الاجتماعية والمشاركة المجتمعية من خلال دعم العمل الخيري والجمعيات المتخصصة في تحفيظ القرآن الكريم وبناء الجوامع إضافة إلى الاهتمام الكبير بالشباب السعودي وتأهيلهم لتولي العمل القيادي والمهني في قطاعات المجموعة وحرص المجموعة على التواصل الفاعل والابتكار في الإنتاج والخدمات.

انتقل الخليوي إلى رحمة الله يوم الأحد 6 إبريل للعام 2025 وووري جثمانه ثرى مقبرة الشمال في الرياض، وتلقت أسرته التعازي والمواساة من الأمراء والوزراء والمسؤولين ونعته «الأوساط التجارية» وتناقلت نبأ وفاته وسائل الإعلام ووسائط التواصل والتي اقترنت بما بناه الفقيد من مسيرة متميزة اتسمت بالعصامية والكفاح وبناء «منظومة تجارية» كبرى اعتمدت على «البناء الاحترافي» و»العطاء المهني» و»السخاء الإنساني».

رحل الخليوي تاركاً «إرثاً» مباركاً من الصيت اللامع في متون «التميز» وذرية مباركة تعاضدت لصناعة «الفارق» وترسيخ «الفرق» في الإنجاز وسط تطور «متواصل» للأداء وتطوير «مستدام» للكفاءة ظلت تواكب العمل وتقترن بالمنجز.

صالح الخليوي التاجر الزاهر والمستثمر الباهر الذي تسلح بالكفاح وتوشح بالفلاح وحصد النجاح ليرسخ اسمه باقتدار في صفحات العمل التجاري ويؤصل سيرته باعتبار عبر بصمات العطاء الوطني.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد