: آخر تحديث

تايلند وسيريلانكا والبحرين

5
4
4

قضيت آخر أسبوع من مارس الماضي، وأول أسبوع من أبريل الجاري، بين منتجعَي «شيفا سوم» التايلندي، و«فيلا ماين» السيريلانكي، ويقع الأخير ضمن غابة طبيعية، بها مختلف الحيوانات والطيور.

أينما ذهبت وجدت الغنى المفرط والفقر المتوحش، والطيبة وصدق التعامل، وشبه اختفاء الكذب، وغياب المجاملة، فلا «تقبرني»، ولا «أنا خدام حضرتك»، بل عزة نفس عالية محببة، وأدب جم لا يقارن!

منذ الصغر وأنا مفتون بمملكة سيام، بلاد السحر والأفيال، التي تغيّر اسمها عام 1949 إلى تايلند، أو بلاد الأحرار، التي يبلغ عدد سكانها 70 مليوناً تقريباً، ويزورها 35 مليون سائح سنوياً، وتبلغ مساحتها 513 ألف كم²، ويتشكل شعبها %75 بوذيين تايلنديين عرقياً، %14 تايلنديين صينيين، و%3 من الملاي المسلمين.

بقيت تايلند مستقلة، بخلاف كل ما حولها من دول، وشكل ذلك مصدر فخر لمواطنيها، وكان ذلك سبباً لتغيير اسمها إلى تايلند، الذي يعني الأرض الحرة، لكن أسباب ذلك كانت خارجية، فقد كانت منطقة عازلة، إبان الحقبة الاستعمارية، بين بورما وماليزيا البريطانيتين، ولاوس وكمبوديا الفرنسيتين، لذا اختار الطرفان إبقاء تايلند منطقة عازلة لتجنّب المواجهة، ونرى مثالاً لذلك سويسرا.

عرف عن ملوك تايلند مهاراتهم دبلوماسياً، فقد تنازلوا عن أمور كثيرة مقابل استقلالهم، كما أجرى ملوكها إصلاحات تعليمية وقانونية وعسكرية على النمط الغربي، ونجحوا في تثبيت نظام مركزي قوي، حتى اليوم.

من سيام اشتق اسم التوأم السيامي، ويرجع سبب ذلك لوجود الزوج الأكثر شهرة من التوائم الملتصقة فيها، وهما تاشنغ وبنكر عام 1874، اللذان اشتهرا من خلال عملهما بسيرك دار حول العالم، لذا شاعت التسمية، علماً بأن دول جنوب شرقي آسيا تحتل عُمومًا مركزًا مرتفعًا في نسبة التوائم السيامية.

بداية تايلند الحديثة كانت عام 1238، عندما تكوّن شعب «السوكوتاي»، الذين اتسعت مملكتهم في زمن الملك رامكامهاينغ، الذي اعتمد مذهب التيرافادا القادم من سريلانكا، كديانة بوذية للأغلبية، واستمر حتى يومنا.

بدأ الاتصال الأوروبي بسيام مع البرتغاليين عام 1511، ثم جاء الهولنديون في القرن 17، ونافسوا البرتغاليين تجارياً فقط، ثم جاء الفرنسيون في الفترة نفسها، وكان لهم نفوذ ديني وثقافي لم يدم طويلاً، حيث طُردوا مع بقية الأوروبيين.

جاء البريطانيون في القرن 19 بقوة أكبر بعد سيطرتهم على الهند وبورما وماليزيا، وعقدوا معاهدات تجارية مع تايلند، وأصبح لهم نفوذ فيها، لذلك تعد تايلند، إضافة لليابان، من بين الدول النادرة التي لم تحتلها بريطانيا، لكن قيادة المركبات فيها على الشمال!

* * *

عرف البحارة العرب سيلان قديماً، وأسموها سرنديب، وزارها الرحالة ابن بطوطة عام 1344 بغية زيارة جبلها، لاعتقاده أن آدم نزل عليه، بعد خروجه من الجنة، لكن نزل البرتغاليون في أجزء من سيلان عام 1505، بحثاً عن التوابل، وأسموها سيلاو، ومنها جاء اسم سيلان.

وفي 1638 استعمر الهولنديون الجزيرة، وأسموها «زيلان». وفي 1815 جاء البريطانيون، وطردوا الجميع منها، وجاؤوا بأعداد كبيرة من التاميل من الهند، وشجعوا زراعة الشاي والمطاط وجوز الهند فيها، واستخراج الياقوت الأزرق.

بعد استقلال سيلان عام 1948، تقرر عام 1972 تغيير اسمها إلى سيريلانكا، لكن الاسم القديم، ولأسباب تجارية، بقي على شاي سيلان، الأكثر شهرة في العالم، وبنك سيلان، وشركة سيلان للبترول.

تبلغ مساحة سيلان 66 ألف كم²، وعدد سكانها 22 مليوناً، أغلبيتهم من السنهاليين، البوذيين، والأقلية الكبرى هي التاميل، الهندوس، وهناك أقلية مسيحية، وأقل منها مسلمة.

* * *

بعد أن نشف ريقنا، ومعه نشف حبر أقلامنا، وبعد مئات المقالات، على مدى ثلاثين عاماً، صدرت الأوامر أخيراً بوقف كل أشكال جمع التبرعات لكل الجمعيات والمبرات، إلى أن يتم ترتيب أوضاعها، ومع صدور القرار توقف تسيب رهيب وشبهات لا حصر لها.

شكراً لصاحب القرار.

* * *

نغادر صباح اليوم إلى الشقيقة البحرين في زيارة ثقافية بدعوة من «مركز الشيخ إبراهيم بن محمد الخليفة للثقافة والبحوث».

ونبقى، كالعادة، على تواصلنا مع القارئ.



أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد