: آخر تحديث

الأسرار تموت أم لا تموت؟

3
3
3

عثمان بن حمد أباالخيل

الأسرار بصفة عامة عالم من التقسيمات تختلف على اختلاف فروعها، من تلك التقسيمات الأسرار الشخصية بين الإنسان ونفسه وبين الإنسان والآخرين. أسرار عاطفية وعائلية وصحية ونفسية ومهنية وزوجية، أسرار يحتفظ بها عن الطرف الآخر، أسرار تتعلق بجوانب الحياة.

حفظ الأسرار شيء فطري ترشد إليه الطبيعة البشرية التي غرست في وجدانه، من الطبيعي لا يوجد إنسان بلا أسرار، وكلما كبر السر كان من الصعب الاحتفاظ به سواء أكان سراً شخصياً أو للآخر. الاحتفاظ بالسر مهمة صعبة لا يتحملها إلا أصحاب العقول المدركة والمنفتحة التي تدرك مدى تأثير البوح به.

كشف الباحثون أن إخفاء الأسرار يستنزف طاقة الإنسان ويشتت انتباهه، بسبب انشغاله الدائم بها، مما يؤثر سلباً على جودة نشاطه الذهني وتحمل مسؤولية السر الذي يحتفظ به في عقله، وتحديداً في منطقة الذاكرة في الدماغ.. كتمان السر له فوائد كثيرة على المستوى الشخصي والاجتماعي. فهو يحمي الإنسان من الوقوع في المشاكل ويحفظ العلاقات، كما أنه يعزز الثقة بالنفس والآخرين.

(لا يكتم السر إلا من له شرف

والسر عند كرام الناس مكتوم)

الفرزدق

من جانب آخر بعض الأسرار قد تثقل كاهل حاملها وتزعجه؛ فتجعله يخرج من ولائه فينطق بها لمن يهمه الأمر وعليه تحمل تبعات ذلك سواء أكانت تبعات سلبية أم إيجابية.

ولكن يا للأسف في وقتنا الحاضر كتمان الأسرار مهارة كبيرة يفتقدها كثيرون من الناس، وهناك من لا يستطيع الاحتفاظ بسره أو سر غيره، والمرأة دائماً متهمة بأنها أكثر إفشاء للأسرار من الرجل فهل هذا صحيح أو من ضرب الخيال ربما البعض منهن.

من أسوأ البوح بالسر هي العلاقات الخاصة بالحياة الزوجية، فكل ما يدور في البيت لا يصح أن يكون يوماً محور نقاش على ألسنة الآخرين مهما يكن أولئك الآخرين، البيوت أسرار تعني أن حبل المودة والاحترام متين وقوي ولا يصح البوح أسراره. بيوت البعض أصبحت مكشوفه للآخرين من خلال شبكات التواصل الاجتماعي أليس هذا بوحاً للأسرار أم تغيراً في مفهوم ومعنى الأسرار؟

يقول علماء النفس إننا نفعل ذلك دون قصد، وفي كثير من الأحيان دون وعي أو إدراك. نحن بشر نمر بحالات من الضعف والغضب ومن لا يملك نفسه سوف يفشي سر غيره ومن ثم يقع بالمحظور والندم لكن بعد فوات الأوان.

(كل سر جاوز الاثنين شاع) هذا المثل المتداول بين العرب يظن الكثير والكثير أن الاثنين يعني شخصين، والصحيح وهو من اللطائف أن أحدهم سُئل عن المقصود بالاثنين، فأشار إلى شفتيه، عموماً هذا بيت للشعر بالكامل:

(كل سر جاوز الاثنين شاع

وكل علم ليس في القرطاس ضاع)

كم هو مؤلم أن يفشي الإنسان سره لغيره بقصد أو بدون قصد، فالقيم الإنسانية النبيلة بدأت تتغير مع تغير الحياة، علماً أن الحياة لم تتغير نحن من تغيرنا.

همسة:

(سرُّك أنت تملكه وحين تبوح به يملكك).


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد