سهم بن ضاوي الدعجاني
«هاكثون مكة الذكية» يُعد «سنام» هاكوثونات المدن الذكية لشرف المكان وقداسته، كما أنه بالدرجة الأولى مساحة مفتوحة لتتبنى الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة الأفكار الإبداعية القابلة للتنفيذ، فهو فرصة ذهبية لربط التقنية باحتياجات المجتمع المكي، من خلال توظيف التطورات المتسارعة في مجالات الذكاء الاصطناعي وتقنية المعلومات لتنمية مكة المكرمة والمشاعر المقدسة عبر تسريع التحول الرقمي نحو مدينة أكثر فعالية، وقدرة على الاستجابة لمتطلبات المستقبل، وإيجاد حلول ذكية تجمع بين «قداسة الزمان» و»شرف المكان»، لذا أعلنت الهيئة، بالتعاون مع القطاعين العام والخاص، عن إطلاق مبادرة «هاكثون مكة الذكية»، كخطوة عملية لتحفيز العقول العاشقة للبقاع المقدسة، وتمكين المجتمع المكي من رسم ملامح مستقبل هذه المدينة المقدسة، لتحقيق الريادة في فضاء التقنية والذكاء الاصطناعي، وترجمة الحلول النابعة من واقع المجتمع إلى مبادرات ملموسة تُسهم في تحسين جودة الحياة لسكان مكة المكرمة وزوارها، على مدار العام، وهذه المبادرة النوعية تنطلق عبر عدة مسارات، تبدأ بالتوعية، مرورًا بالتدريب، وصولًا إلى بناء حلول ذكية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، لتخدم سكان مكة المكرمة وزوارها على حد سواء، إلى جانب تعزيز الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، وإثراء تجربتهم الثقافية والدينية بصورة ذكية، ذات أثر مستدام وجاذبية على مدار العام، لتسليط الضوء على عدد المجالات الحيوية: التخطيط الحضري.. النقل الذكي.. و قطاع الضيافة، عبر ابتكارات رقمية ترتقي بمستوى الخدمة، وتُسهم في تحسين كل لحظة يعيشها ضيوف الرحمن في الأراضي المقدسة.
وهنا تذكرت عندما أعلنت جامعة أم القرى العام الماضي عن الفرق الفائزة في هاكثون المواقع التاريخية والإثرائية في نسخته 2، عندما فاز بالمركز الأول فريق «رماح»، بمشروع لعبة مغامرات تدمج بين المتعة والمعرفة مستوحاة من الروايات والمواقع التاريخية السعودية، يعكس الثقافة السعودية بأسلوب ترفيهي.
وفاز بالمركز الثاني فريق «مهوى الأفئدة»، بمشروع مراكز إثرائية في مقرات سكن ضيوف الرحمن تعزز تجربتهم بأسهل وأجود فرص ممكنة من خلال التقنيات الحديثة، بهدف تعزيز الجانب الروحاني والوجداني لدى ضيوف الرحمن والمسلمين حول العالم، كما فاز المركز الثالث فريق «إسورة يقين»، بفكرة مشروع حول سوار ذكي يُرتدى في اليد يُساعد الحجاج والمعتمرين على تتبّع أشواط الطواف والسعي بدقة وسهولة، ولعل «هاكثون مكة الذكية» في نسخته الحالية يتواصل من خلال المشاركين الجدد إلى عدد من الأفكار التقنية الإبداعية التي ستمنح مكة المكرمة والمشاعر المقدسة آفاقاً جديدة تتمثل في: حركة مرور ذكية، ومنظومة إنارة ذكية، وشبكة طاقة ذكية، وبنية تحتية ذكية، وإدارة ذكية للنفايات، ومراقبة مناخية ذكية، وتوفير اتصالات لاسلكية رقمية ذكية، ونظام ذكي لمكافحة الكوارث، وإدارة ذكية للحياة اليومية، والجميل أن لدينا ست مدن سعودية دخلت إلى قائمة مؤشّر IMD العالمي للمدن الذكية لهذا العام 2025، وهي: الرياض، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة، وجدة، والخُبر، والعُلا، والأجمل أن المملكة الدولة العربية الوحيدة التي تضم هذا العدد من المدن في هذا المؤشّر للعام الحالي.
السؤال الحلم
متى ينجح «هاكثون مكة الذكية»؟ - في نظري - سينجح بامتياز إذا تحولت مكة المكرمة والمشاعر المقدسة إلى بيئات مجهزة بتقنيات المعلومات والاتصالات والابتكارات الحديثة، لتحسين جودة حياة سكانها وزوارها في مواسم العمرة والحج وتعزيز فعالية الخدمات الحكومية والبنية التحتية بالاستخدام الفعّال للبيانات والتحليلات والتقنية لتحسين تجربة المجتمع المكي وتعزيز الاستدامة والكفاءة، بتقديم «حلول» ذكية لخارطة الخدمات اليومية والموسمية بشكل منافس عالميا، وسيزداد نجاحاً إذا فعّلت الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، الشراكة مع مختلف الجهات المعنية وفي مقدمتها جامعة أم القرى بتوقيع مذكرة تفاهم لإشراك طلاب الجامعة في رسم ملامح المستقبل الرقمي لمكة المكرمة نزولا عند القول الحكيم «وأهل مكة أدرى بشعابها» مما سيضع مكة المكرمة في مقدمة المدن الذكية عالمياً، وذلك من خلال التعاون مع شركاء ممولين، ومنفذين، وممكنين، لتعزيز التعاون المشترك والمستدام، عبر مبادرات مستدامة تُسهم في رسم خارطة تنموية مستقبلية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، لتبقى»مكة المكرمة» دائما وأبداً «قبلة» التطور والتقدم والجاهزية والأنسنة، كما هي قبلة المسلمين في صلواتهم الخمس، والأمل أن تصبح «مهبط الوحي» مهبطاً للابتكار و»أيقونة» المدن الذكية في العالم.