سلطان السعد القحطاني
في عالم تتزايد فيه التحديات السياسية والاقتصادية والبيئية، يظل السلام العالمي أحد أهم الأهداف التي تسعى إليها الدول والشعوب على حد سواء. فالسلام ليس فقط غياب الحروب والصراعات، بل هو حالة شاملة من الطمأنينة والاستقرار تسمح للأمم بتحقيق النمو، وللأفراد بالعيش بكرامة ورفاهية.
أولى نتائج السلام هي الاستقرار السياسي، إذ لا يمكن لأي دولة أن تحقّق تنمية أو تبني مؤسسات قوية في ظل الفوضى والعنف. البلدان التي تنعم بالسلام تملك القدرة على بناء أنظمة تعليمية وصحية متينة، وتعزز من سيادة القانون وحقوق الإنسان، مما يخلق بيئة آمنة للجميع. هذا الاستقرار الداخلي ينعكس إيجاباً على العلاقات الإقليمية والدولية، حيث تقل التوترات وتزداد فرص التعاون المشترك.
أما من الناحية الاقتصادية، فإن السلام يُعدّ شرطًا أساسيًا لازدهار الأسواق وجذب الاستثمارات. فالشركات الكبرى تبحث عن بيئات مستقرة لضمان استمرارية أعمالها وحماية رؤوس أموالها. البلدان التي تفتقر إلى الأمن تعاني من هروب رؤوس الأموال، وتراجع فرص العمل، وتعطل في سلاسل الإمداد. في المقابل، الدول المسالمة تشهد نموًا في الناتج المحلي، وتطورًا في البنية التحتية، وتحسنًا في جودة الحياة.
رفاهية الشعوب أيضًا ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالسلام. فعندما تغيب الحرب، يمكن تحويل الموارد المخصصة للتسليح إلى دعم الخدمات الأساسية مثل التعليم، والصحة، والإسكان. كما يؤدي السلام إلى تقليل أعداد اللاجئين والنازحين، ويمنح الأفراد فرصًا أفضل لتحقيق ذواتهم وبناء مستقبلهم دون خوف أو قلق.
من جهة أخرى، فإن السلام يعزز الحوار بين الثقافات، ويدفع نحو تقبّل الآخر، ويمنح المجتمعات تنوّعًا صحيًا قائمًا على الاحترام المتبادل. كما أن التعاون في مواجهة القضايا المشتركة مثل التغيّر المناخي، والأوبئة، والتحديات التكنولوجية لا يمكن أن يتحقق في بيئة عالمية مشحونة بالصراعات.
لهذا، فإن العمل من أجل تحقيق السلام العالمي ليس مسؤولية الحكومات فحسب، بل هو واجب جماعي يشارك فيه الأفراد، والمؤسسات، والمنظمات الدولية. فالسلام هو القاعدة التي تُبنى عليها المجتمعات المزدهرة، والاقتصادات القوية، والأجيال الواعدة.
في النهاية، لا يمكن تحقيق تنمية مستدامة أو رفاهية حقيقية دون سلام. وإذا أرادت البشرية مستقبلًا أفضل، فإن عليها أن تجعل من السلام مشروعًا دائمًا، لا مجرد طموح مؤقت.