: آخر تحديث

الارتباك المنتظر

3
3
3

وليد عثمان

رغم وصفها من جانب الكرملين بالبنّاءة، فإن المحادثات التي أجراها أمس الأربعاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع ستيف ويتكوف، المبعوث الأمريكي الخاص، في موسكو، فإنه لا يتوقع أن تشكّل أي انعطافة في العلاقات الأمريكية الروسية في ما يخص أزمة أوكرانيا.وبالمثل، لا ينتظر أن تكون المهلة التي منحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لروسيا، وغايتها غداً الجمعة، لإنهاء الحرب في أوكرانيا فارقة في هذا الملف المؤرق للبيت الأبيض منذ بدايته في عهد الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن الذي كان منغمساً أكثر فيه، ليس فقط بقيادة «الناتو» في مواجهة روسيا، وإنما أيضاً في حجم الدعم المادي وحشد الجهود الأوروبية خلفه.وقبل أن يدخل ترامب البيت الأبيض في ولايته الثانية، تعهد بأن ينهي هذا الملف، بل قال إنه قادر على ذلك في أربع وعشرين ساعة فقط، قبل أن يتراجع عن ذلك واصفاً ما قاله بالسخرية، لكن المعنى الحقيقي هو عجزه عن دفع روسيا إلى أي تراجع عن موقفها الأوّلي من الحرب القائم على اعتبارها دفاعاً عن وجودها.لم تُجدِ أي إجراءات أمريكية تجاه روسيا، وهو ما أربك تحركات دونالد ترامب في هذا الملف وجعلها متأرجحة بين المهادنة والتهديد، بل دعا أوكرانيا إلى أن تقبل بالتوسع الروسي في أراضيها، وأساء إلى الرئيس الأوكراني بشكل أوحى بالتخلي الأمريكي عنه.كل ذلك، لم يغير شيئاً في تعامل روسيا مع الملف ولا إجراءاتها فيه، في الوقت الذي تبدي فيه ترحيباً دائماً بالسلام، ولا تمانع في مفاوضات مع الجانب الأوكراني تستهدف الوصول إليه، لكنّ جولات سابقة بين الجانبين في إسطنبول انتهت إلى لاشيء.الأقرب إلى الثبات هو الموقف الروسي الذي لا يقبل التراجع عن تحقيق أهدافه من الحرب التي لا تزال، رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على بدئها، «عملية خاصة» كما يصفها الكرملين. المتغير هو تنوع محاولات دونالد ترامب لتطويق الموقف الروسي وحمله على التبدل، وهو ما لم ينجح فيه، ولا يعتقد أنه سينجح، سواء بمحاصرة شركاء روسيا التجاريين بالرسوم، أو فرض عقوبات جديدة على روسيا، أو الاستمرار في تسليح بعض دول «الناتو»، أو التلميح بالخطر النووي.ربما تكون مباحثات فلاديمير بوتين مع ستيف ويتكوف محاولة أمريكية جديدة لاختراق هذا الملف بمزيج من الوعد والوعيد، لكن نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف استبق ذلك قبل فترة وردّ على بعض التهديدات الأمريكية بالقول «لسنا إيران ولا إسرائيل»، ما يعني أن الملف الأوكراني في القناعة الروسية أكثر تعقيداً، وأن حلوله ليست عابرة، بل تتعدد أطرافه، وأن الثبات الروسي لن يهتز.لا العقوبات الاقتصادية أضرت بروسيا بالقدر الذي راهن عليه واضعوها، ولا تسليح دول في مواجهتها غيّر شيئاً في مجريات الحرب، وربما تكون التحركات الأمريكية في هذا الملف أكثر ارتباكاً بعد أن تفشل زيارة ويتكوف.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد