: آخر تحديث

سوريا وإيران

12
9
7

سلطان ابراهيم الخلف

لفت انتباه الكثيرين، تصريح أحد المسؤولين الإيرانيين بأن «إيران تسيطر على أربع عواصم عربية من بينها دمشق عاصمة الدولة السورية».

كان التصريح قبل سقوط نظام السفّاح بشار. وكان معبّراً عن مدى نجاح إيران في التغلغل والتدخّل في بعض البلدان العربية. حاولت إيران خلال تغلغلها في سوريا منذ تسلّط السفّاح حافظ الأسد، نشر ثقافتها، معوّلة على الدمار الواسع الذي تعرّضت له سوريا في عهد ابنه السفّاح بشار، ناهيك عن تواجد مواطنيها بشكل مستمر وعلى مدار السنة، في الدولة السورية بحجة السياحة الدينية.

ومع ذلك لم تنجح إيران في زرع ثقافتها في سوريا، وظل الشعب السوري المسلم رغم معاناته، محافظاً على هويته، وتبعيته للعالم الإسلامي الكبير الذي ينتمي إليه، وقد عبّر عن ذلك الانتماء بعد سقوط الحكم الأسدي الأقلوي، وانبثاق فجر سوريا الجديدة.

كان من المستحيل تغيير هوية الشعب السوري، لأن سوريا ذات تاريخ إسلامي عريق، وكانت دمشق عاصمة لإمبراطوية إسلامية عظيمة هي الدولة الأموية، التي كانت سلطاتها تمتد شرقاً إلى حدود الصين وغرباً إلى الأندلس، التي تحولت إلى مركز علمي يبث أنواره على أوروبا التي كانت تغط في ظلمات ليل العصور الوسطى الدامس.

وبالمثل، كانت مصر أحد الأمصار الإسلامية التي خضعت للسلطة الفاطمية الأجنبية، التي حاولت تغيير هوية مصر. لم تنفع دار الحكمة التي أسسها الحاكم بأمر الله الفاطمي في نشر الثقافة الفاطمية، وتغيير الهوية للمجتمع المصري المسلم، وكان هناك ما يشبه المناعة الدينية للمجتمع المصري التي قاومت محاولات السلطات الفاطمية. والأمر لا يحتاج إلى عناء شديد، فقد انفضح أمر الحاكم بأمر الله الفاطمي عندما ادعى الألوهية، وانكشفت بذلك حقيقة الدولة الفاطمية، ولم تستطع خلال ما يقارب الثلاثة قرون من حكمها لمصر تغيير الواقع للمجتمع المصري، وعادت مصر في أحضان أمتها الإسلامية، بعد انتصار صلاح الدين الأيوبي، رحمه الله، على الصليبيين، وقضائه على الدولة الفاطمية، واستقباله بحفاوة من قبل المصريين. وكأن التاريخ يعيد نفسه مرّة أخرى في سوريا، بعد أن تخلّصت سوريا من الغرباء الذين اختطفوها على مدى نصف قرن، لتعود إلى أحضان أمتها.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد