: آخر تحديث

المعلمون وأولياء الأمور... بين فن الحوار وفوضى التواصل!

4
4
2

محمد ناصر العطوان

في عالم التعليم، تبرز شخصيتان متناقضتان «المُعلم المحترف» الذي يجعل حديثه مع أولياء الأمور هادفاً وبنّاءً، و«المعلم التقليدي» الذي يختصر دوره في سرد الدرجات عند مقابلة ولي الأمر في اجتماع أولياء الأمور «ابنك جايب 25 في الأعمال و13 في الاختبار، خله يشد حيله».

أما المعلم المحترف هو خبير التشخيص والحلول، فيقدم تحليلاً شاملاً لشخصية الطالب وقدراته، ويرصد نقاط القوة ويقترح سبل تعزيزها، ويحدد التحديات ويقدم حلولاً عملية لتجاوزها، يناقش أساليب التعلم المناسبة للطالب إذا كان متعثراً، ويشرك ولي الأمر في وضع خطة تحسين واضحة ويتابع تقدم الطالب، ويقترح أنشطة إثرائية تناسب ميول الطالب إذا كان من الفائقين، ويستمع لملاحظات ولي الأمر ويأخذها بعين الاعتبار.

أما المعلم التقليدي فهو مقدم الدرجات الذي يكتفي بعرض درجات الشفوي والاختبار، ولا يقدم تحليلاً لأسباب تدني أو ارتفاع المستوى، ويتجاهل الجوانب النفسية والاجتماعية للطالب، ولا يقترح حلولاً أو خططاً للتحسين، ويختصر دوره في نقل المعلومات دون تفاعل، ولا يهتم بمعرفة ظروف الطالب أو تحدياته، ويفتقر للمتابعة المستمرة، ولا يستثمر اللقاء في بناء شراكة مع ولي الأمر.

ولأن مهنة التعليم تحتاج إلى باقة من المهارات داخل الصف الدراسي وخارجه، للتعامل مع الطلاب وأولياء أمورهم، فمن المهم أن تكون لديه قدرة على التشخيص، ولباقة في الطرح وتركيز على الحلول.

وكما أن هناك معلماً تقليدياً ومعلماً ومحترفاً، فهناك أيضاً ولي أمر تقليدي وولي أمر محترف، فولي الأمر التقليدي يركز على درجات ابنه، وكل همه أن يحصل على أكبر قدر من الدرجات أثناء لقائه بالمعلم ويترجى ويستعطف «وما تقصر استاذ»، وربما يأخذ الملاحظات من المعلم المحترف بشكل شخصي، أما ولي الأمر المحترف فيركز على كيفية تحسين الأداء، ويطلب مشاركة المعلم في خطة عمل، ويخبر المدرسة عن أي تغييرات تؤثر على الطالب (كالانتقال إلى منزل جديد، أو ولادة طفل).

لذلك عزيزي القارئ، المجتمع الذي يمتلئ بأولياء أمور تقليديين ينتج معلمين تقليديين.

ولكي نرتقي بمستوى التواصل في المدارس، أقترح على الأخصائيين الاجتماعيين تقديم دورات للمعلمين عن «فنون التواصل الفعّال»، مثل: كيف تبدأ الحديث بالإيجابيات، وكيف تتحول من «مشكلة» إلى «هدف»، كما أقترح على القطاع المسؤول عن الأخصائيين الاجتماعيين أن يدرّبوا الأخصائيين على «بناء شراكات تنموية» مع الأهالي، مثل ورش عمل مشتركة أو منصات تواصل تفاعلية، كما أقترح على مديري المناطق التعليمية تشجيع القطاع المسؤول على تنظيم دورات «لتدريب المدربين»، لضمان استمرارية نقل المهارات، كما اطلب من القيادات التعليمية تخصيص جزء من ميزانياتهم لدورات «قيادة الحوار التربوي»، لأن الإدارة العليا هي التي تُحدد ثقافة المؤسسة... كما اسأل الله السلامة وألا يأخذ هذا المقال بشكل شخصي، كما أقول لكم كل عام وأنتم بخير... وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد