: آخر تحديث

اندماج الذكاء البشري والاصطناعي سيقلل الأخطاء الكارثية

10
8
6

عبدالرحمن الحبيب

الذكاء الاصطناعي يتطور دون هوادة ليُؤدي أنواعًا من الأعمال الإبداعية والمبتكرة التي كان البشر وحدهم قادرين على القيام بها، بل ويتفوق عليهم أحياناً، إلا أنه يخفق أحياناً لينتج عنه أخطاء فادحة بسبب سوء التعامل والاستخدام من البشر تجاه أجهزة الذكاء الاصطناعي التي ينبغي أن نتفاعل معها كزملاء عمل ومعلمين ومدربين، أي كبشر مثلنا كما يقترح بروفيسور دراسة الأعمال بجامعة بنسلفانيا إيثان موليك في كتابه: الذكاء المشترك: العيش والعمل مع الذكاء الاصطناعي (Co-Intelligence: Living and Working with AI)؛ حيث يرأس إيثان أيضًا مشروع وارتون التفاعلي لتعليم استخدام الألعاب والمحاكاة والذكاء الاصطناعي.

المؤلف يكرر مرارًا بأنه رغم أن الذكاء الاصطناعي ليس بشراً وليس واعياً بل جهاز آلي جامد، ولكنه يقول أيضًا إنك ستُحسن استخدامه إذا عاملته كما لو كان بشرًا، مستخدمًا الأمثلة المباشرة للذكاء الاصطناعي في العمل وفوائد التفكير والعمل معًا مع هذه الآلات الذكية، وضرورة إتقان هذه المهارة دون فقدان هويتنا البشرية، والتعلم منه دون تضليل مصطنع؛ ليمثل الكتاب دليلاً شاملاً للعمل والتعلم والعيش في عصر الذكاء الاصطناعي الجديد.

في لقاء بودكاست معه، يطرح إيثان أربع قواعد للذكاء المشترك بين البشر والذكاء الاصطناعي؛ أولها هي دعوة الذكاء الاصطناعي دائمًا إلى طاولة النقاش التفاعلي، ويقصد بذلك أن للذكاء الاصطناعي ما نسميه حدودًا متعرجة، أي أنه جيد في بعض المهام وسيئ في مهام أخرى، فمثلاً إذا طلبت منه أن يُعطيك مُلخصًا من 25 كلمة لصفحة، فقد تحصل على 22 كلمة أو 28 كلمة أو أي رقم آخر لأن الذكاء الاصطناعي لا يرى الكلمات كما نفعل، بل يرى الرموز، وهي كلمات أو أجزاء من كلمات، فالمسافة جزء من الرمز، وقد يُخطئ الذكاء الاصطناعي في حساب الكلمات.

الفكرة - كما يقول إيثان - هي أنه إذا استخدمت الذكاء الاصطناعي بشكل كافٍ، فإنك ستفهم ما يُجيده وما يفشل في أدائه، وهذا يُتيح لك استكشاف هذه الحدود المتعرجة، كما يُتيح لك معرفة الفرق الذي يُحدثه؛ فلا أحد يعلم مدى جودة تطبيق الذكاء الاصطناعي، بل يُمكنك اكتشاف ذلك: ما الذي يعرفه ولا تعرفه أنت؟ ما الذي تعرفه أنت ولا يعرفه الذكاء الاصطناعي؟ الطريقة الوحيدة للقيام بذلك هي أن تأخذه إلى البودكاست الذي تستمع إليه لترى كيف يُلخص محادثتنا، وأن تطلب منه أيضًا التحضير للبودكاست ومقارنته بالتحضير الذي كنت ستفعله، ثم يساعدك في كتابة منشورك أو معلومة قادمة، وفي مشروعك الاستشاري القادم أو خطابك القادم؛ هكذا تُحدد ما هو مفيد أو ضار.

القاعدة الثانية: كن الشخص المُشارك في العملية؛ فتلك فكرة لأنظمة التحكم، وينبغي أن تشارك في العمل مع الذكاء الاصطناعي فالمشكلة أن الذكاء الاصطناعي جامد جدًا.. فعليك أن تُفكر، كشخص، فيما تُريد فعله، ولن يكون الذكاء الاصطناعي أفضل منك في ذلك، على الأقل ليس حاليًا، فهو يمنحك فرصة التركيز على ما تجيده والتخلي عن الأشياء التي لا ترغب في القيام بها؛ إن كونك الشخص المُتحكم في القرارات يعني أيضًا كيفية جعل الذكاء الاصطناعي جزءًا من عملية صنع القرار، ولكن كيف يمكنك التركيز على ما تجيده؟

القاعدة الثالثة: هي معاملة الذكاء الاصطناعي كإنسان، ولكن أخبره أي نوع من الأشخاص هو وذلك بأن تجعل الذكاء الاصطناعي يفعل الأشياء عن طريق حثه، أي عن طريق إعطائه جملة، ثم يُكمل كل شيء آخر تلقائيًا بعد ذلك؛ وقد يرى الناس هذا الأمر صعبًا للغاية، إنما هناك جميع أنواع الحيل والحث، ولكن أسهل طريقة للعمل مع الذكاء الاصطناعي هي التحدث إليه كإنسان: عامله كإنسان، حتى لو لم يكن إنسانًا؛ ولهذا السبب غالبًا ما يكون المدراء بارعين في العمل مع الذكاء الاصطناعي: أعطه التعليمات كما تفعل مع إنسان، وصححه كما تفعل مع البشر، ولكن أخبره أيضًا أي نوع من البشر هو: أنت مدير تسويق في شركة تكنولوجيا معلومات؛ أنت محرر تفضل الكتابة الواضحة؛ وبهذه الطريقة ستحصل على نتائج أفضل.

القاعدة الرابعة: هي افتراض أن هذا أسوأ ذكاء اصطناعي ستستخدمه على الإطلاق، فماذا يقصد إيثان موليك؟ يجيب بأن كل ما تستخدمه حاليًا قد عفا عليه الزمن، فهناك أشياء أفضل تجري قيد التدريب، وأحد الأشياء الرائعة حول الذكاء الاصطناعي هو أن كل هذه النماذج يتم إصدارها وكلها نوع من روبوتات المحادثة واجهاتها بها ثغرات أو عطل ولو قليلا لم يتم تحسينها لأي وظيفة محددة بطريقة أو بأخرى؛ ومن ثم يعتقد الناس أن القصة قد تكون: «حسناً ربما نحتاج إلى إطلاق شركة ناشئة تُحسّن هذا لأعمالنا»، أو شيء من هذا القبيل.

السبب وراء حدوث ذلك هو أن كل مختبر ذكاء اصطناعي يُكرّس كل وقته لبناء الجيل التالي من هذا الذكاء، وبمجرد أن يستقر الوضع، سيعودون لإيجاد طرق لتسويقه تجاريًا بشكل أكبر، فجميعهم يُطوّرون أشياء جديدة؛ مهما كانت حدود قدرات الذكاء الاصطناعي التي تعتقد أنها موجودة اليوم، فلن تكون هذه الحدود في المستقبل القريب بل ستتوسع.. كل ما تستخدمه اليوم قد عفا عليه الزمن.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد