هيفاء صفوق
- الحياة لا تسير على وتيرة واحدة أو نمط واحد، بل من سماتها أنها متغيرة ومتقلبة بالظروف والمواقف والأشخاص والصحة والمرض والغنى والفقر، ومن خلال كل ذلك نتعلَّم كيف نعيش بطريقة جيدة تحفظ صحتنا النفسية والمعنوية والمادية.
- في تقلبات الحياة واختباراتها ليس هناك معصوم الجميع سيعيش التجربة كاملة بحلوها ومرها، لكن هناك شيئاً يميزنا كيف يعيش بعضنا مختلفاً عن بعض وهي القناعات والجذور الموجودة عند كل أحد فينا.
- هناك قناعات إيجابية ومتفائل تستطيع مواجهة التحديات والاختبارات وكيفية التعامل معها دون، ومن الأشياء التي تساعد في ذلك الثقة في الله وبكل أقداره وإن بدأت الظروف والأحداث غير ذلك، ليس كل شيء نستطيع مشاهدته في الوقت الحالي، بعض هذه الظروف والمواقف يظهر منها السلبي، ولكن فيما بعد ندرك في بواطن الأحداث الخير الكثير وأن رحمة الله فوق كل شيء.
- هذه القناعات الإيجابية تجعلنا نرى النور في وسط الظلام ويختفي الجزع والخوف والشك، ويستطيع كل منا التعامل مع اختباراته في الحياة بهدوء وحكمة ومنطقية تبعده عن التصرفات الغاضبة والعشوائية.
- أما القناعات السلبية التي يعتنقها البعض منا بأن الحياة ظالمة عند أي اختبار الأكيد أننا سنعيش الجزع والخوف وسيغلق الباب الذي سيساعدنا في إيجاد الحلول المناسبة، كما أن الغضب يجعلنا نتخذ القرارات السريعة التي ربما نندم عليها، ومن ضمن القناعات السلبية أيضاً أننا لن نستطيع تجاوز أي موقف أو أزمة، وهذا يبعدنا عن الطرق الصحيحة في التعامل مع الأسباب أو الظروف أو المشكلات أو يجعلنا نهرب من مواجهتها.
- حينما نفكر خارج الصندوق قليلاً ونتأمل تلك الاختبارات أو ربما نطلق عليها مسمى آخر تلك التحديات نجد أن في تأملها نكتشف سبب وجودها ربما يكون لنا دور في وجود هذه التحديات أو المشكلات، وربما فرضت علينا ولأي سبب كان، التأمل في حد ذاته لتلك الاختبارات أو التحديات يفتح باباً كبيراً بعدة أسئلة تطرحها النفس علينا، لماذا نختبر ذلك؟ وما هي الرسالة من هذا الاختبار؟ الأجوبة ليس بضرورة أن تكون حاضرة اليوم ولكن هذه الأسئلة تعطينا حافزاً ودافعية أن ما يحدث لنا أكيد لسبب ما لا نعلمه الآن، ولكن يجب علينا أن ندرك ونستوعب كيف نتعامل مع هذا الحدث أو الاختبار أو التحدي الآن
- كثير من الأفراد تحدثوا عن بعض اختباراتهم وظروفهم التي غيّرت مجرى حياتهم للأحسن والأفضل، وكيف عاشوا ظروفاً قاسية، أو مرضاً مزمناً، أو افتقاد قريب وكيف كانت بداية رحلة الاختبار مؤلمة لم يفهموا ولم يستوعبوا الرسالة منها إلا بعد وقت طويل، وكيف هذه الاختبارات نفسها جعلت منهم اليوم أقوياء متمسكين بالتفاؤل وممارسة الحياة بإيجابية ومد يد العون للغير، ومن تلك القصص تحدثت إحداهن عن وفاة ابنتها بمرض في القلب في بداية تلك الرحلة لم تتقبل هذا لسنوات طويلة وعاشت حياة يائسة ولكن في لحظة من لحظات الوعي سألت السؤال المهم لماذا عاشت هذه التجربة؟ لم تجد الجواب الواضح أو جواباً يجعلها تشعر بشعور الارتياح، رغم كل ذلك في هذه لحظة أدركت أنها تستطيع أن تمد يد العون للأسر التي يعاني أبناؤها نفس مرض ابنتها وكانت هنا البداية في إنشاء جمعية صغيرة لمساعدة الأهالي وكبرت هذه الجمعية الصغيرة وأصبحت تساهم على نطاق كبير في جمع التبرعات للعلاجات والنواحي الطبية لهؤلاء الأطفال، وهنا أدركت معنى القبول والتقبل وكيفية التعامل مع اختبارات الحياة دون الوقوع في اليأس مرة أخرى، كما أدركت أهمية المساعدة في تقديمها لكل من يحتاجها وهذا كفيل جعلها تشعر بمشاعر الرضا وعدم السخط.
- عندما يتقبل المرء الاختبارات سوف تذهب وتنتهي بسلام فلن يكون لها سيطرة عليه، نعم تبقى الذكريات والتجارب في الذاكرة لكن ينتهي معها الألم وهذا يتطلب شجاعة في تأمل كل تلك الاختبارات وأدراك الرسالة منها أو قبولها وتقبلها لأنها وجدت لحكمة ما سيدرك الجميع آثارها في وقت من الأوقات.
- هذه الاختبارات تطبع سماتها على الإنسان على حسب تلك القناعات والجذور المخفية فيه، ربما تكون سماتها التي تطبعها هي القوة والصبر والعزيمة وحب العطاء للغير، وربما العكس تماماً سماتها الحزن والغضب واليأس، وكلاهما يحكمهما تلك القناعات الداخلية في الإنسان.
إضاءة:
وحدها الثقة بالله مساحة آمنة ومضيئة لكل تجارب الحياة.