تطوران لافتان يوم امس الاثنين في لبنان. الأول، موقف رئيس الجمهورية من سلاح "حزب الله" حيث قال:" ان مقاربة ملف سلاح حزب الله يأتي ضمنت حلول يتفق عليها اللبنانيون". الثاني، عن قناة العربية وفقا لمصادرها الرئيس ترامب أوقف كل المساعدات للدولة اللبنانية ويشترط على اللبنانيين تقديم إنجازات، وان إدارة تراكب لن تعطي أي مساعدات للجيش اللبناني والمؤسسات بناء على وعود سابقة (الانتشار في الجنوب والالتزام بالقرارات الدولية). هذان التطوران مقلقان للبنان في هذه المرحلة الحساسة.
بداية مع موقف رئيس الجمهورية الذي يبدو انه يتجنب الخوض في مسألة جوهرية ألا وهي نزع سلاح "حزب الله" وكل الجماعات المسلحة اللبنانية والأجنبية (الفلسطينية) على الأراضي اللبنانية، مبتعدا نوعا ما عن التزامه في خطاب القسم بحصرية السلاح ضمن الدولة. فعندما يقول ان الحول يتفق عليها اللبنانيون، نحن نخشى ان يعني هذا الامر ان الرئيس يفكر في إدارة حوار وطني لبناني حول استراتيجية الدفاع الوطني، اسوة بالحوار الذي سبق ان نظم بين القوى اللبنانية على عدة مراحل منذ العام ٢٠٠٦. وقد فشل الحوار باعتبار ان الطرف المعني بالملف أي "حزب الله" تنصل من وعوده والتف على الموضوع وصولا الى اتخاذ مواقف عنيف من الحوار الأخيرة الذي عقد خلال عهد الرئيس الأسبق ميشال سليمان. واليوم ما من مؤشر يدل على ان الحزب المذكور سيغير موقفه، ويقبل بتسليم سلاحه بشكل كامل للدولة، والتحول الى حزب سياسي واجتماعي اسوة ببقية الأحزاب اللبنانية. لا بل ان ما تبقى من الحزب يتصرف على قاعدة ان مسألة السلاح غير مطروحة، وانه لا يزال تصنيفهم للحزب انه حزب "مقاوم" لدية مهمة "تحرير وحماية". بهذا المعنى يخطىْ الرئيس جوزيف عون ان اعتقد ان حزب الله سيجلس الى طاولة حوار ليسلم سلاحه. وهنا الضرر كبير جدا على مسار العهد الذي يتوقع منه ان يندفع بعزم نحو طرح قضية السلاح في مجلس الوزراء كمشروع قرار يحتاج الى قرار صادر عن مجلس الوزراء الذي يفترض ان يصنف كل سلاح خارج الجيش والمؤسسات الأمنية خارجا على الشرعية بدءا بالسلاح الفلسطيني الذي يجب ان تبدأ إجراءات نزعه من المخيمات وفي كل مكان، وصولا الى سلاح "حزب الله" وسائر الأحزاب لاسيما أحزاب الممانعة السابقة. لا يجوز الدخول في نقاش عقيم. المطلوب دعوة من تبقى من قيادة الحزب الى اجتماعات إجرائية لتسليم السلاح وليس الى نقاشات نظرية لتأبيده. وعلى رئيس الجمهورية ان يسارع الى توضيح موقفه من القضية بوضوح تام.
بالنسبة الى ما نقل عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عبر قناة العربية، من المهم بمكان الاّ تتلكأ الشرعية اللبنانية في مسألة انتشار الجيش في الجنوب، وأيضا في موضوع نزع السلاح غير الشرعي من يد جميع الميليشيات وفي مقدمها "حزب الله". وفي حال استمر التباطؤ وتكررت محاولة الالتفاف على قرارات الشرعية الدولية، فإن الحكم اللبناني الجديد سيجد نفسه امام مصاعب جمّة بفعل تراجع الزخم الذي اتى به. ان الحكم ومسؤولية الدولة لا يقومان على مبدأ "الوجبة المجانية"!