خالد بن حمد المالك
جاءت ولادة الحكومة اللبنانية على غير ما كان يتمناه ويخطط له الثنائي الشيعي، فقد استبعدت مبدأ التمثيل الحزبي، وثم سقط فرض وزارات بعينها للثنائي تحت التهديد بإفشال تشكيل الحكومة، كما كان يحدث في الحكومات السابقة.
* *
حكومة نواف سلام اعتمدت على الكفاءات، وقدمت وجوهاً لا تنتمي للأحزاب، وإن التزم التشكيل بالتوازن بين الديانات والمذاهب، وذلك لتكون الحكومة ممثلة بكل فئات الشعب، ولكن باستقلال الوزراء عن تمثيل الأحزاب.
* *
صحيح أن من اعتادوا على أن تكون بعض الحقائب الوزارية، خاصة بهم في الحكومات السابقة وجدوا صعوبة في التنازل عن مكتسباتهم التي فرضوها بقوة السلاح، والتهديد بعدم الموافقة على الحكومة ما لم تُحَقَّق طلباتهم، ولكنهم في هذه الحكومة كانوا غير مؤثرين في فرض رغباتهم.
* *
الرئيس اللبناني جوزيف عون غير الرئيس ميشيل عون، ورئيس الحكومة سلام غير رئيسها ميقاتي، وظروف لبنان الآن غيرها قبل السابع من أكتوبر، وتحديداً قبل 15 شهراً، لهذا فلبنان اليوم غيره بالأمس في كل شيء، حيث الإصلاح، والقضاء على الفساد، وإعادة روابط البلاد بالدول العربية، والاتجاه بحصر السلاح في الجيش الوطني.
* *
بداية الإصلاح في لبنان بدأ الآن بتشكيل الحكومة على أنها حكومة للإصلاح والإنقاذ، ومن غير الحزبين، مستندة على المعايير التي سبق وأن تم التوافق عليها على أن تكون تسمية الوزراء وفقاً للكفاءة والخبرة والاختصاص، مع توفر شرط السمعة والسيرة الحسنة، وألا يكون حزبياً.
* *
رئيس الحكومة نواف سلام أكد بما لا تراجع عنه بالسعي إلى إعادة الثقة بين المواطنين والدولة، وبين لبنان والدول العربية، وبينه وبين دول العالم، والمضي في استكمال تنفيذ اتفاق الطائف بالعمل مع مجلس النواب، والسعي لتحقيق الإصلاحات المالية والاقتصادية.
* *
تتميز هذه الحكومة بأنه لن يكون فيها ثلث معطل، ما يعني أنها وزارة ستكون في خدمة اللبنانيين، ومصلحة لبنان، خاصة وأن التمثيل الشيعي في الحكومة من غير الحزبيين، أي أنهم لا ينتمون إلى حزب الله وحركة أمل، ما يجعل نجاح الحكومة مضموناً لتكون حكومة إصلاح وإنقاذ.
* *
وغداً سوف تعقد الحكومة في قصر بعبدا أول اجتماع لها لتشكيل لجنة صياغة البيان الوزاري، مع تأكيد رئيس الحكومة نواف سلام بأن حكومته سوف تكون مساحة للعمل المشترك البناء، وليس للمناكفات، وأن الإصلاح هو الطريق الوحيد إلى الإنقاذ الحقيقي للبلاد.
* *
بهذا فلبنان سيكون على موعد مع فرصة كبيرة للتخلص من مآسي الماضي وسلبياته، ومن الصراعات الحزبية، ومن الانفلات الأمني، ومن التدخل الأجنبي في صفوفه، ومن غيابه عن محيطه العربي، ومن سيطرة حزب الله ونفوذه في مفاصل الدولة، وثم معالجة وضعه الاقتصادي المتدهور، وبناء ما هدمته الحرب في المنشآت، والبنية التحتية، والالتزام بالقرارات الدولية بشأن عدم تواجد حزب الله على الحدود مع إسرائيل، واستكمال تطبيق اتفاق الطائف، مما لم يتم تطبيقه.