لا شك أن القيادة السورية الجديدة ومعها الغالبية العظمى من الشعب السوري تفكر اليوم بالطريقة الأمثل للتعامل مع فلول النظام الساقط الذين فعلوا بالسوريين ما لم يفعله المغول والتتار وربما أكثر، وهم بعشرات الألوف. ماذا نفعل بهم بعد أن سقط نظامهم الذي شاهد العالم أجمع أفعاله المغولية على مدى أكثر من نصف قرن؟
لا شك أنَّ غالبية السوريين إذا استثنينا منهم أتباع وأنصار الأسد، لا يريدون التصرف مع الفلول وخاصة الطائفيين منهم بنفس الطريقة البربرية المغولية التي تعامل بها الطائفيون معنا على مدى عقود وعقود، فنحن سنعض على جراحنا ولن نمارس الانتقام الأعمى مع أن لدينا معكم مليون ثأر وثأر، لأننا نريد أن نبني وطناً جميلاً لكل السوريين دون استثناء، لكن بالتأكيد ستأخذ العدالة مجراها وسينال المجرمون أشد أنواع العقاب، فلن ننسى ولن نسامح، ولا مجال مطلقاً هنا لمقولة: «اذهبوا فأنتم الطلقاء» فالقصاص العادل مطلوب لكل هؤلاء القتلة والمجرمين والمخربين وبالمحاكم وليس في أي مكان آخر. لكن الغريب العجيب أن تلك الطغمة التي أذاقت السوريين شتى أنواع العذاب والتعذيب والتنكيل ليست راضية حتى بالعدالة التي نريد أن نقدمها لها بطريقة حضارية، فها هي اليوم بدأت تطل برأسها الطائفي في بعض المناطق الساحلية، وتخرج في مظاهرات استفزازية لكل السوريين رافعة شعارات طائفية بدعم وتأييد لا تخطئه عين من كفلائها الإيرانيين الذين، لم يتحملوا ضخامة الهزيمة، فراحوا يحرضون على الثورة ويمولون جماعات طائفية قذرة لافتعال أحداث طائفية بهدف زعزعة الأمن والاستقرار وتحويل اهتمام السوريين من إعادة بناء وطنهم المحطم إلى الدخول في صراعات داخلية وحرب أهلية، لأن أعداء سوريا لا يريدون للسوريين أن يستقروا، وبالتالي يفتشون عن أقذر الطرق والوسائل للعودة إلى الأرض السورية بهدف نهبها وتفكيكها وتفتيتها كما فعلوا من قبل في العراق، وكلنا يتذكر كيف فجروا مرقد العسكريين هناك لإحداث فتنة كبرى لم يستفد منها سوى الغزاة الإيرانيين. لكن هيهات، فالشعب السوري العظيم الذي تحمل أبشع أنواع المجازر والويلات ونجح أخيراً في اجتثاث أعتى وأسوأ نظام عرفته البشرية في القرنين الماضي والحالي لن يعجز عن التعامل مع فلول الطائفيين ومن يساندهم سواء كانت إيران أو أي جهة عربية أو غير عربية، فالسوريون للجميع بالمرصاد هذه المرة، ولديهم من الطرق والأساليب الكثير الكثير داخل سوريا وخارجها، والويل كل الويل لمن يحاول العبث ببلدنا مرة أخرى، فسيندم ندماً غير مسبوق، وهذا ليس مجرد كلام على عواهنه، بل إن كل السوريين اليوم مستعدون لمواجهة كل من سيتدخل في شؤونهم ويزرع بينهم الضغائن والفتن.
الشعب السوري العظيم الذي تحمل أبشع أنواع المجازر والويلات ونجح أخيراً في اجتثاث أعتى وأسوأ نظام عرفته البشرية في القرنين الماضي والحالي لن يعجز عن التعامل مع فلول الطائفيين
دعونا نقول للذين يصطادون في الماء العكر بسوريا الجديدة، كان غيركم أشطر، فحتى أعتى نظام في العالم مع حماته الروس والإيرانيون داسه الشعب السوري، ونظف سوريا من شره، وبالتالي فالشعب الذي ضحى وصبر على عائلة فاشية نازية ثم سحقها، لن يعجز عن سحق فلولها، ولا تنسوا أنكم اليوم بلا جيش فاشي ولا أجهزة أمنية وحشية ولا ميليشيات شيعية ولا طيران روسي، وبالتالي، من الأفضل أن تعرفوا حجمكم جيداً قبل أن تواجهوا اليوم ملايين السوريين الذين يعضون على ثورتهم بالنواجذ كي يبنوا بلدهم من جديد، لكنهم مستعدون أيضاً أن يجعلوا من أي خطر داهم أثراً بعد عين لحماية منجزات ثورتهم معتمدين على العدالة لا على الانتقام الأعمى الذين سيزيد الطين بلة.
صدقوني أيتها الأدوات الطائفية الإيرانية التي تحاول الانتقام من النصر السوري على إيران وميليشياتها أنتم لستم أصحاب قضية، ولا دعاة حرية، فأنتم ألد أعداء الحرية منذ وصول الهالك حافظ الأسد معلمكم إلى السلطة قبل أكثر من نصف قرن، وبالتالي نقول لكم: لا حرية لأعداء الحرية، فخيطوا بغير هذه المسلة، ولا تكونوا وقوداً رخيصاً لأعداء سوريا المعروفين. لا نريد طبعاً أن نشمل كل المكون العلوي معكم، معاذ الله، فغالبية أهل الساحل الكرام عانوا منكم ومن أسيادكم النافقين والهاربين كثيراً، وهم سيقفون مع الشعب السوري لمواجهتكم وإحباط مخططاتكم الشيطانية أيها المرتزقة.
أنصحكم بأن تصمتوا إذاً، وأن تتعاونوا مع بقية السوريين لبناء هذا الوطن الذي سرقتموه ودمرتموه مع الهارب، وإذا قررتم المواجهة فأكرر مرة أخرى أنكم ستواجهون كل الشعب السوري هذه المرة، فأنصحكم أن تصمتوا لأن كل الشعب يريد أن يأخذ حقه منكم وسترون العجب العُجاب إذا مضيتم في هذا الطريق الخطر جداً عليكم، لكن الشعب لا يريد أن ينزل إلى مستواكم الذي عرفناه على مدى عشرات السنين، ويريد أن يدفن حقبتكم السوداء في تاريخ سوريا تحت سابع أرض عبر المصالحة الحقيقية وتحقيق العدالة بطريقة حضارية.
والشكر هنا موصول لذلك الشيخ العلوي المعمم الذي خرج قبل أيام على رأس مظاهرة غاضبة متوعداً الإدارة الجديدة بالويل والثبور وعظائم الأمور، لكنه في اليوم التالي استعاد أو أُعيد له صوابه بطريقة ما وراح يدعو إلى إحلال السلام والأمن والاستقرار في البلد بعد أن أدرك أنه بتهديداته النارية الهوجاء كان على وشك توريط طائفة بأكملها تتبرأ من أفعال شبيحتها وذيول العصابة الساقطة الهاربة.
وقد صدق الناشط السوري الشهير مازن درويش وهو من الساحل السوري عندما قال: «على الطائفة العلوية ألا تسمح للطائفة الأسدية بجرها لتدمير نفسها وسوريا مرة أخرى».