رسائل مهمة أطلقها سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بمناسبة استضافة المملكة لكأس العالم حين قال: "عازمون على نشر رسائل المحبة والسلام والتسامح باستضافة كأس العالم 2034". وهذا ما سيجعل كأس العالم استثنائياً، نظراً لقدرات المملكة وإمكاناتها الكبيرة، حيث توفر لها من مصادر القوة ما لم يتوافر لغيرها من الدول، فلديها قوتها الروحية المتمثلة بالحرمين الشريفين، ولديها المصادر الطبيعية التي تجعلها في مقدمة دول العالم من حيث الغنى، وتحتل موقعاً متميزاً بين قارات العالم، كل ذلك يتوج بأهم متطلبات القوة، وهو القيادة القوية والرشيدة، حيث تتمتع المملكة بقيادة تجمع بين الخبرة والعزيمة والشجاعة في اتخاذ القرار، ولديها علاقات متوازنة مع الدول المؤثرة على مستوى العالم، ولديها شعب شاب ومبدع ومتعلم، لديه ولاء منقطع النظير لقادته وبلده.
يعيش العالم اليوم في أجواء تسودها الحروب والمظالم والمجاعات والقلاقل، حروب تنذر بعواقب وخيمة على سكان الكرة الأرضية بأسرها، كالحرب بين روسيا وأوكرانيا، وخطر تحولها إلى حرب عالمية تستخدم فيها الأسلحة النووية. والحرب الظالمة على غزة، حيث يقتل الأطفال والنساء يومياً بالعشرات، إضافة للحصار والتجويع والتهجير من مخيم لآخر، وحروب داخلية في السودان وليبيا، وفي دول أخرى على مستوى العالم. وتتجاهل الدول ما يشهده العالم من تغييرات مناخية خطيرة تهدد الحياة، كما أن الشبكة العنكبوتية أوجدت مواقع تخترق الخصوصيات وتزور الحقائق، وتنشر بين الأجيال كراهية الحياة والعنف والتطرف، والخواء الفكري، كل ذلك جعل قيادة المملكة تستشعر الخطر المحدق بدول العالم، فسعت جاهدة لعقد المؤتمرات، وجمع الأطراف المتحاربة لإحلال السلام، وأصدرت وثيقة مكة المكرمة من أجل المحبة والسلام والتسامح، وتقريب وجهات النظر، ثم أتبعتها بوثيقة بناء الجسور بين الأديان والمذاهب.
في العام 2034 سيجتمع العالم في السعودية، لا للتنافس بين الفرق على كأس العالم فقط، لكنه سيشهد نموذجاً مختلفاً لدولة حققت الرخاء والأمن في وقت قياسي. وسيصادف شعباً أبهر العالم بكرمه وأخلاقه ونظافته، وليهدي للعالم أهم مقومات البقاء والتقدم، وهي: الاستدامة، والعناية بالبيئة، والمحبة والسلام والتسامح. ومن أجل ذلك تم تأسيس "الهيئة العليا لاستضافة كأس العالم" ويرأسها سمو ولي العهد لأهميتها.
وللمزيد من النجاح أورد المقترحات الآتية:
أولاً: بالعلم والثقافة والتربية السليمة تحقق الأمم مستقبلها، وتسطر أعظم ملاحم البناء، وأمامنا بدءاً من اليوم عشر سنوات من التطوير المستمر، وبالأخص للمدارس والجامعات، نريد أن تصبح المدارس الحكومية والأهلية من أفضل المدارس على مستوى العالم، من حيث تنشئة الأجيال، وهذا يتطلب أن نجعل المدارس بيئة جاذبة، ومحببة للطلبة لكثرة ما بها من مشاركات علمية وثقافية، وما تحويه مناهجها من لعِب ومُتع موجهة للتعلم، نريد أن نكثف الأنشطة الكشفية والمسرحية التي تركز على بناء الشخصية، لتخريج أكبر عدد من القادة والعلماء. والاهتمام ببيئة المدرسة، وصحة الطالب، ونظافة البيئة وحمايتها، حتى ينتقل ذلك إلى المرافق العامة من شوارع ونقل عام وملاعب وغيرها، ولتصبح نظيفة ومبهرة في العام 2034، ولن نتمكن من ذلك إلا بجعل مناهج التعليم بكل مقرراتها موجهة لزرع هذه العادات وتطبيقها على أرض الواقع في المدارس والجامعات، مع الاهتمام بصحة الطالب البدنية والعقلية، والانضباط الذاتي.
ثانياً: الرياضة بشكل عام أصبحت من أهم القوى الناعمة المؤثرة على مستوى العالم، والتحضير للبطولات يستغرق سنوات طويلة، مع ضرورة الاستعانة بمدارس عالمية لدول أثبتت نجاحها، ليس في كرة القدم فقط، لكن في كل الألعاب الجماعية والفردية، نحتاج إلى تجهيز الفرق من اليوم، ومن سنّ السادسة فما فوق، على أن نركز على المهارات المطلوبة، وبناء القوة البدنية والعقلية للمشارك، ومع التركيز على الانضباط، لتجنب الوقوع في التدخين والمخدرات وتحصينهم في وقت مبكر.
حين تتكاتف الجهود ويصح العزم، تأتي النتائج مبهرة، وهذا ما سيعزز رسالة المملكة في نشر المحبة والسلام والتسامح.