: آخر تحديث

البصمة الثالثة والثقة المعدومة (2 من 2)

12
13
18

موسى بهبهاني

ذكرنا في الجزء الأول من المقال أسباب اتخاذ قرار البصمة الثالثة، وهناك مَنْ ينشر الادعاءات الباطلة، ألا تعلمون بأنكم تسيئون بهذه العبارات لجميع موظفي الدولة؟ واتهاماتكم لأبناء بلدكم يدل ذلك على ضحالة التفكير.

هؤلاء عرفوا شيئاً وغابت عنهم أشياء، لذا نذكرهم لعل الذكرى تنفع المؤمنين.

نحن نرى الكويتيين مخلصين في أداء مهامهم ويعتمد عليهم في الشدة وفي الرخاء، ومواقفهم مشرّفة وكثيرة ومتعددة.

نذكر البعض منها في مواقف الشدة:

1 - في الغزو الغاشم سنة 1990، عندما غادر جميع الوافدين عائدين إلى أوطانهم خوفاً على سلامتهم، قام أبناؤنا بجميع الأعمال، صغيرة كانت أم كبيرة، دون منٍّ ولا ضجر أو تأفف ولا طلباً لغاية مادية، بل خدمة للوطن العزيز الذي وقع تحت براثن المحتل الغاشم.

(الكويتي) ابن البلد قام بإدارة المرافق الصحية والنفطية ومحطات الكهرباء والماء، والإطفاء العام، قام بنقل الجرحى والشهداء والموتى والقيام بمواراتهم في القبور، نقل القمامة يومياً إلى المحرقة، عمل في المخابز والمحلات الغذائية بمختلف أنواعها، تسلم أبناؤنا الجمعيات التعاونية و قاموا بإدارتها بنجاح. وتعرّض الكثير منهم للأسر والقتل.

2 - الفريق التطوعي الكويتي لإطفاء الآبار تصدّر المشهد في إطفاء آبار النفط المشتعلة بكفاءة وحرفية مميزة.

وباء الخنازير وكورونا:

مَنْ خرج إلى الميدان هو الكويتي، فحص العمالة في مقر العمل، العمل في المستشفيات الميدانية، التنقل والذهاب إلى المنازل والمباني السكنية، معرّضين حياتهم للخطر ومنهم مَنْ استشهد ومنهم مَنْ أصيب بالوباء.

ضرب الناقلات والموانئ:

1 - أثناء الحرب بين الجارتين إيران والعراق تعرضت الكويت لضرب ناقلاتها النفطية، فقام الكويتيون بالاستمرار بالعمل البحري، ولم يوقفهم الخطر الذي قد يتعرّضون له، بل قام القطاع البحري في مؤسسة الموانئ الكويتية يومياً بنقل البارجات البحرية المثبتة عليها العواكس الرادارية، والإبحار بها لساعات ليتم تثبيتها عند مداخل الموانئ البحرية والصهاريج النفطية والأماكن الحيوية لتكون أهدافاً وهمية تحمي المنشآت الحيوية من القصف.

لم يبال هؤلاء الكويتيون من التعرّض للخطر والموت في سبيل الوطن.

2 - أثناء حرب تحرير العراق من الطاغية تعرّضت الكويت لهجمات صاروخية ومرت إحداها بجانب سفينة مغادرة الميناء بقيادة المرشد البحري الكويتي، ولم يثنهم ذلك عن الاستمرار بأداء الواجب الملقى على عاتقهم، ففي سبيل الكويت كل شيء يهون.

الذهاب إلى غزة:

في ظل الحصار والقتل العشوائي اليومي لأهلنا في غزة المحاصرة، غادرت كوكبة من الأطباء الكويتيين على دفعات إلى غزة الشموخ لتقديم المساعدات الطبية وإجراء العمليات الجراحية، فهؤلاء كانوا فدائيين، معرّضين حياتهم للخطر ومن دون خوف.

- بالتأكيد انتم أيها المتنمرون ليس من شيمكم القيام بتلك الأعمال البطولية.

وكذلك في مواقف الرخاء، الكويت تفتخر بأبنائها العاملين في جهات عدة، نذكر البعض منها (وزارة الدفاع - وزارة الداخلية -الإطفاء العام- وزارة الخارجية -وزارة الكهرباء - وزارة النفط - وزارة الصحة - مؤسسة الموانئ الكويتية - مؤسسة التأمينات الاجتماعية -هيئة المعلومات المدنية -...).

ختاماً:

الكويتي أهل للثقة فهو مؤهل للقيام بجميع الأعمال، يتميز بالخبرات المميزة والتي تفوق قدرة الآخرين بمراحل.

وندعو الأكاديميين وأهل الاختصاص بتصحيح المسار فلا يمكن أن تكون الإدارة مبنية على الشك والريبة بالموظفين.

هناك 3 أساليب لإدارة العمل:

1 - النموذج التقليدي (Traditional model)

(الرقابة تكون مشددة بالترهيب والطاعة العمياء يعتمد على التهديد، والتشديد، وعدم الثقة بالموظفين...).

2 -نموذج العلاقات بين الموظف والمسؤول (Human relations model)

علاقة ودية بين الموظف والمسؤول تلغي الحواجز بينهما (أسلوب لا بأس فيه).

3 -نموذج الموارد البشرية

( Human Resources model )

وهو يعتمد على الاحترام والثقة بالموظف، بل وإشراكه باتخاذ القرار (وهو الأفضل لزيادة الإنتاج وتلك سياسة متبعة بالشركات الكبرى).

- البصمة الثالثة، أدت إلى تدافع الموظفين طلباً للتقاعد... هل من العدل أن نفقد خبرات نحن أحوج إليها؟

-عموماً البصمة لا تتحكم في مشاعر وظروف الإنسان. والإنتاج يكون غير مجدٍ. وأليس من الأفضل وضع خطط لتشجيع وتحفيز الموظفين على زيادة الإنتاج.

- أيضاً لا ننفي أن هناك فئة وإن كانت قليلة، لديهم إعفاءات رسمية من الجهات التي يعملون بها، أو متمارضون لا يؤدون أعمالهم بأمانة، أو لا يداومون نتيجة توصية من متنفذ.

فالخلل ليس بالموظفين وإنما الخلل بالمتنفّذ أو المسؤول الذي يقوم بإعفاء موظفيه ويُحابي بعض الموظفين على حساب البعض الآخر في التقييم السنوي، وذلك لأجل مصالح شخصية أو اجتماعية أو بسبب عدم كفاءته وذلك لأنه وصل إلى سدة الكرسي بالواسطة وليس بجهده وعمله أو بالتعيينات الباراشوتية، فهؤلاء ليسوا بأمناء ولا مخلصين في عملهم، ولذلك يجب محاسبة كل مَنْ استغل منصبه وقام بتلك المخالفات.

-ولا يُؤخذ المخلصون بجريرة المفسدين مصداقاً للآية الكريمة: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.

اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمدلله رب العالمين.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد