عبدالعزيز سلطان المعمري
كانت صدفة جميلة بالنسبة لي، أن تتزامن كلمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، مؤخراً، على منصة إكس (تويتر سابقاً) التي ذكر فيها تأثير القائد في الموظفين، مع مشاركتي في جلسة حوارية نظمتها لجنة الأدباء والقراءة في القيادة العامة لشرطة أبوظبي حول الفكر القيادي لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. الجلسة كانت بعنوان: المستقبل يبدأ من اليوم وليس غداً، وهي ضمن مبادرات شرطة أبوظبي التي تهدف إلى تعزيز وترسيخ ثقافة القراءة وتبادل المعرفة، ما يعني أن دور القائد في المؤسسات أو الدول لا يقتصر على ترؤسه المنصب، بقدر الأثر الإيجابي الذي يتركه على الموظفين أو الشعوب.
أود أن أشارك القراء نقطتين من النقاط التي تم عرضها ومناقشتها في الجلسة، حيث تناولت المسيرة القيادية الحافلة لقائد عظيم صنع معجزة وأثبت للعالم أنه لا وجود للمستحيل لمن يمتلك رؤية وهدفاً، ومن ثم خطط وعمل بإخلاص وتفانٍ، واستثمر في وطنه ومواطنيه. والقائد الحقيقي تتوافق كلماته مع أفعاله وأفكاره مع أعماله، وهذا ما نجده ونراه في الشخصية القيادية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وهي النقطة التي تناولتها كلمة لسموه عبر منصة (إكس) قال فيها: «علمتني الحياة لا يوجد قائد حقيقي من غير أن يمثل قدوة حقيقية لمن حوله .. قدوة في أفعاله وأقواله وأفكاره».
أما عن النقطتين فهما؛ الأولى: المستقبل يبدأ اليوم وليس غداً، من كلمات سموه أيضاً، ويمكنني اعتبارها بأنها تعبر عن فلسفته القيادية والإدارية، فإذا تمعنا فيها جيداً سنجد أن سموه بهذه العبارة يؤكد على رؤيته المستقبلية، أي أنه يمتلك رؤية يسعى لتحقيقها، وبما أن المستقبل يبدأ اليوم أي أنه لا مجال للتأخير والتأجيل بمعنى أنه لا بد من العمل باستباقية، وفي كتبه يؤكد على عدم الحرص على السير والمشي مع الآخرين بل الهدف هو المقدمة والمبادرة ورسم الطريق إلى تحقيق الرؤية.
وفي محور آخر من الجلسة، تم تناول موضوع السباق مع الزمن والمستشارين، فمن قصص سموه تعلمنا أن الوقت مورد ثمين لا يعوض، لذا يجب استثماره بالشكل الأمثل، وأن على القائد الذي يقدر قيمة الوقت اتخاذ القرارات بالسرعة التي تمكنه من الوصول لغايته طبعاً، مع الحفاظ على الجودة والدقة، كما أن القائد يشارك الآخرين الأفكار ويستفيد من خبرات المستشارين ورؤاهم، لكن عليه الحذر من الاعتماد عليهم بشكل كلي وعليه أن يتخذ القرار النهائي بنفسه، وقد ذكر سموه في كتبه بعض القصص مع المستشارين، ومن ضمنها قصة المستشارين عند تأسيس اتحاد الإمارات المبارك.
القائد لا يتخذ قراراته بناءً على تقارير مكتوبة فقط، بل يعتمد على مصادر عدة للمتابعة العملية وجمع المعلومات، من ضمنها التقارير الإدارية والمتعامل السري الذي يقيّم الوضع ويرفع تقريراً بتجربته العملية، وهناك مؤشرات الأداء الاستراتيجية والتشغيلية، لكن الأهم هو تواجد القائد في الميدان واللقاء المباشر مع الأفراد، وهذا ما ميز دولة الإمارات، فقادتها يعملون في الميدان من خلال متابعتهم ولقائهم المباشر مع القيادات الإدارية في الجهات الحكومية، وهنا أعني قيادات الصف الثاني والثالث والشباب.
ما تم مناقشته في الجلسة دروس وعبر كثيرة ذكرت في كتب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، كانت حافزاً وموجهاً للحضور الكبير ودافعاً معنوياً إيجابياً كان واضحاً من خلال التفاعل في الحوار والنقاش ومن خلال حرص قيادات شرطة أبوظبي للحضور والمشاركة، وهم بهذا يطبقون نصائح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بأن يكون القائد قدوة وعلى وعي واطلاع وثقافة وفهم وعلم.
وبالعودة إلى لجنة الأدباء والقراءة في القيادة العامة لشرطة أبوظبي، فهي بالنسبة لي مؤشر على نجاح المبادرات الحكومية واستمرارها، فهذه اللجنة هي تعبير عن الوعي والفهم والحرص لدى الجهات الحكومية على ضمان استمرار تطبيق المبادرات وعلى رأسها مبادرة القراءة، وقد ذكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، الشهر الماضي، عند تكريمه لأبطال تحدي القراءة العربي، أن القراءة أهم مهارة يمكن التسلح بها لأنها مفتاح التعلم مدى الحياة وأهم أداة من أدوات التطور المستمر.