: آخر تحديث

التحولات.. وتشكل قارات الأرض

8
8
7

في الواقع، عندما نتدبر الرؤية الميكانيكية والجيولوجية للعالم عبر الزمن نجدها تسير بانتظام، أو سوية، على نمط واحد. حيث إن زمن التحولات والتغيرات الجيولوجية له علاقة بالحتمية الطبيعة، منذ نشأة الأرض، أو ما يُعرف بظاهرة ما وراء الظواهر الميتافيزيقية، أو المحسوسة، حيث توجد قوانين لهذا الكون، والذي يخضع للصيرورة والتبدل، للحفاظ على توازن الأرض داخل كوننا الفسيح المترامي الأطراف.

إن هذه التغيرات الجغرافية من شأنها أن تهدم كل المفاهيم القديمة التي قامت عليها الحضارات، والقارات، وليس ذلك في حقل الفيزياء فقط؛ بل في كل الميادين التي تحدد العلاقات بين الإنسان والوجود؛ حيث إنه لا يعكس الشكل الحالي للأرض حقيقة ظهورها قبل مليارات عدة من السنين، لأن العلماء، حسب عدد كبير من النظريات العلمية في تفسير نشأة الكون، يقولون إنها كانت، في البداية، كتلة واحدة متماسكة، لكننا نراها اليوم ممزقة بين قارات، وجزر قارية كثيرة، حسب نظرية الانفجار العظيم.

وقد تحدث العلماء قبل ألفي عام عن قارة أطلنطا التي كانت تربط بين أوروبا وإفريقيا، لكن هذه الأرض غرقت، كما يقولون، قبل عشرة آلاف عام، بفعل زلزال كبير تسبب بظهور فالق كبير امتلأ بالمياه مكوناً البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، وقد كانت قارة أمريكا مرتبطة، مع قارة أطلنطا، والعالم القديم، لكن ظهور الفالق الزلزالي الكبير أدى إلى ابتعادها عن الكتلة الأرضية الأم، لتشكل وحدها جزيرة كبيرة معزولة عن بقعة العالم.

وقد كشفت دراسة جديدة قام بها عالم الجيولوجيا القديمة، أليكس ليشت، وزملاؤه، نشرت في مجلة «مراجعات علوم الأرض»، وجود تلك القارة، وقالت الدراسة، إن هذه القارة المنسية بين أوروبا وإفريقيا وآسيا، وتحديداً في منطقة البحر المتوسط، أو حوضه حول منطقة البلقان. وأطلق عليها الباحثون اسم «البلقانطوليا»، واعتبرت بمثابة بوابة بين آسيا وأوروبا. وهناك فالق زلزالي آخر ينذر بظهور قارة جديدة، وهو ذاك الموجود في إفريقيا، ويعرف ب«الصدع الكبير»، والذي ظهر قبل ملايين عدة من السنين، ويمتد من شرق إفريقيا، عبر إثيوبيا، وكينيا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وأوغندا، ورواندا، وبوروندي، وزامبيا، وتنزانيا، وملاوي، وينتهي في موزمبيق.

وقد أظهر هذا الصدع نشاطاً على مدار العقود القليلة الماضية، على طول صحارى إثيوبيا، وهو يتسع بمعدل بوصة واحدة في السنة. وقال علماء الجيولوجيا في دراسة نشرها الموقع الأمريكي «إن بي سي نيوز»: «إن هناك احتمالية ظهور محيط جديد يقسم إفريقيا إلى قسمين، وأن هذا الانشقاق فوق نقطة تقاطع ثلاث صفائح تكتونية، تتقشر ببطء شديد، وتبتعد عن بعضها بعضاً». وأكد العلماء: «إن طرداً هائلاً لصخور شديدة الحرارة قادمة من قلب كوكبنا يقود الصدع، ما سيؤدي إلى تشكل المحيط السادس للأرض، وستصبح البلدان الواقعة على طول الساحل الجنوبي الشرقي جزيرة عملاقة، ما يخلق بحراً جديداً تماماً من إثيوبيا إلى موزمبيق».

ويشكل المحيط الهادي ثلث مساحة الكرة الأرضية، وجغرافيته تتكون من سلاسل جبلية تمتد على طول ألفي كيلومترٍ، وتظهر في قمم بعض الجبال الجزر المتناثرة، ومنها جزر «هواي» التي تقع فيها أعلى قمة في الأرض إذ يبلغ ارتفاع جبال «هواي» أثني عشر كيلومتر تحت سطح الماء. ومن غير المعروف كيف غمرت المياه تلك الجبال الشاهقة، وكيف تكوّن ذلك المحيط المرعب، لكن دراسة جديدة قام بها علماء جيولوجيا أستراليون، أظهرت أن هناك ملامح لظهور قارة عملاقة جديدة من جراء تقلص مياه المحيط الهادئ، فقد رصدت الدراسة وجود تراجع لمستويات المياه في بعض شواطئ أستراليا، ومن خلال ذلك عرفوا أن مياه المحيط الهادئ سوف تتقلص على المدى البعيد، وأن استمرار انحسار المياه تدريجياً سوف يؤدي في النهاية إلى ظهور أرض جديدة.

إن الدارسين لجغرافية الأرض يؤكدون أن جغرافيتها تغيرت كثيراً عبر ملايين من السنين السابقة، وربما هناك محيطات كانت في الماضي أرضاً يابسة، ثم غمرتها المياه عبر مئات، وربما آلاف من السنين، وهناك أرض يابسة انحسرت عنها مياه المحيط عبر مئات، وربما آلاف السنين، بفعل العديد من العوامل الجغرافية، فأضحت يابسة يعيش عليها البشر. فقد كشفت صور التقطت بالأقمار الصناعية عن وجود شبكة من الأنهار، التي كانت تجري في الماضي عبر رمال الصحراء العربية، ما أدى بالعلماء إلى الاعتقاد بأن هذه المنطقة شهدت فترات أكثر رطوبة في الماضي.

وذكر قائد المشروع البروفيسور، مايكل بتراليا، مدير مركز الآثار الآسيوية في كلية الآثار في جامعة أكسفورد: «من الصور التي التقطتها ناسا للصحراء العربية، نستطيع أن نرى السمات الطبيعية للأرض، التي يمكن رؤيتها من الفضاء، وتشير إلى شبكة كاملة من وديان الأنهار السابقة وأحواض البحيرات».

ومن غير المعروف يقيناً، كيف تحولت تلك الأرض الخصبة إلى صحراء قاحلة، لكن ربما كان ذلك يعود إلى انزياح الأرض عن محورها قليلاً ما أدى إلى اقتراب هذه المنطقة من مدار السرطان، وبالتالي تشكل الغيوم وتيارات الهواء، ويحدث ذلك عندما تكون درجة حرارة السحابة ودرجة حرارة الأرض أعلى من درجة التجمد.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.