لا يقف دور المكتبات على حفظ الكتب وتوثيق التاريخ من خلال الإصدارات التي تتراصّ شامخة على رفوفها، وإنما تُعدّ المكتبات مساهماً رئيساً وفاعلاً في نشر المعارف والثقافات، فهي كما يُعرف الشاهد الأمثل على ازدهار الشعوب وتقدمها، ومن هنا رأينا كيف أنها جاءت ضمن أوائل الهيئات التي تم إنشاؤها «هيئة المكتبات»، وذلك تلبية للحاجة المُلحّة والراهنية للمجتمع إلى المكتبات كمناراتٍ حضارية تضيء لهم دروب المعرفة.
وقد بدا الجهد والعزيمة واضحين لدى هيئة المكتبات من خلال التنظيم والإشراف التام على عملها وتنظيمه، وجعلها رافداً ثقافياً لأطياف المجتمع كافة، ومصدراً أساسياً للبحوث العلمية والدراسات بأنواعها كافة، فكانت الرؤية لها تهدف إلى بناء مجتمع معلوماتي مشارك في بناء اقتصاد المعرفة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ذات رسالة بتمكين مجتمع قطاع المكتبات في المملكة العربية السعودية للمساهمة في النمو الاقتصادي والتعليمي والاجتماعي والثقافي، كما وضعت الهيئة ركائز وأهدافاً تتمثل في تنمية قطاع المكتبات وتعزيز المشاركة المجتمعية بالإضافة إلى تطوير الكفاءة الإدارية والتشغيلية.
هذه الجهود وهذا الحضور للمكتبات يؤكد على استدامة الحاجة للكتاب كوعاء للمعرفة والبحث والثقافة على الرغم من تزاحم وسائل وأقنية المعرفة الرقمية وغيرها؛ وهو ما يقودنا إلى التذكير بأهمية الاحتفاء بالمكتبات والذي صادف الأحد الماضي حين احتفت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بيوم المكتبة العربي، إحياء لثقافة القراءة والتعلم والتعليم، وتأكيداً على أهمية العناية بالمكتبات ودورها في النهوض بالمجتمعات معرفياً وفكرياً وثقافياً، فالمكتبات ثمار للعقول وفضاء للمعارف.
ومع رؤية 2030 الملهمة، ولكون الثقافة والمعرفة كانتا جزءاً رئيساً من هذا التحول الوطني الكبير، فإن الكتاب والمكتبات عنصرا إشعاع وثراء وتطوير وتنمية بشرية وتغذية للعقول وصوغ للشخصيات السويّة التي يُنتظر منهما أن يكونا رافدين إيجابيين للتحول الثقافي والمعرفي والاجتماعي والإنساني، وهذا ضرورة لا ترف، سيما وأن بلادنا تحقق فرادة وتنمية وابتكاراً وإبداعاً مختلفاً يجعلنا الأقدر على تجسيد النقلة التاريخية التي يعيشها وطننا باستحقاق وجدارة.