: آخر تحديث

المرأة في يومها السنوي

35
28
37
مواضيع ذات صلة

تحتفل مملكة البحرين منذ هذا الصباح بيوم المرأة، تقدم لها القرابين، تعترف بأفضالها على مر السنين، وتأتي إليها بالحلوى وباقات الزهور، والتهاني من كل حدب وكل صوب.

في مناظرة لم نحسب لها ألف حساب مع أستاذة جامعية عن أمنياتها في هذا اليوم، ماذا تريد أن تقول بمناسبة يوم المرأة «السعيد»؟

لم تتردد الأستاذة لكنها رصدت لي وبسرعة فائقة مكاسب المرأة البحرينية بعد المشروع الإصلاحي الكبير لحضرة صاحب الجلالة مليكنا المعظم، والدور الذي قامت به قرينة العاهل صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة من خلال المجلس الأعلى للمرأة لكي تعيد لها حقوقها السياسية ومكتسباتها الوظيفية فأصبحت وزيرة وسفيرة وقاضية ورئيسة لمجلس النواب وعضوًا بالمجلس، حصلت على كامل حقوقها في معترك الحياة الصعب، وطالبت الأستاذة الجامعية المرأة البحرينية أن تكون أكثر إصرارًا على التمسك بنجاحها، وتجتهد أكثر وتهتم بتعليمها وتحافظ على تفوقها العلمي والعملي مع رعايتها لأسرتها وبيتها.

لم تطلب شيئًا من المجتمع، ولم تطالب مسئول بحق مازال منسيًا، ولم تُعبر إلا عن كامل الرضا على ما تحقق لها على مدى الأيام عملاً بالحكمة القائلة «من لا يشكر الناس لا يشكر الله»، هذه هي ثقافة الشكر التي تؤمن بها، وتلك هي القناعة التي ترى بأنها كنز لا يُفنى، وهذا هو النصف الممتلئ من الكوب الذي أشبعته الأستاذة الأكاديمية بحثًا وفرزًا وتوقيرًا، لكن ماذا عن النصف الفارغ من الكوب؟ هل الإشادة بالنصف الممتلئ لا يعطينا الحق بأن نتحدث عن النصف الفارغ؟ هل المرأة البحرينية في يومها السنوي حصلت بالفعل على كامل حقوقها وعليها أن تصمت وتحمد الله عز وجل على ما تحقق لها وما حصلت عليه؟

البعض يرى أنه إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب، والبعض الآخر لا يؤمن إلا بالمصارحة، إلا بالحديث أيضًا عن النصف الفارغ من الكوب، خاصة أننا أمام مناسبة يمكن من خلالها تحقيق مكتسبات ليست بالمستحيلة، واستعادة حقوق لم تكن صعبة المنال لو أننا فكرنا خارج الصندوق وقبلنا الرأي الآخر.

المرأة البحرينية مازالت رغم المكتسبات تعاني في جزء ليس بالبسيط من اختلال عضوي فيما يمكن أن نطلق عليها بتكافؤ الفرص مع الرجل، فهذا التكافؤ المنقوص مبعثه أن الرجل في مجتمعنا البحريني يتمتع بحقوق لم تمنح حتى اللحظة للمرأة، ومازال الرجل قادرًا على الزواج من أي عدد من النساء الأجنبيات في حدود الشرع والقانون، وأن ينجب أي عدد من الأبناء ويمنحهم في التو واللحظة شرف الجنسية البحرينية وأن يأتي إليهم بكل أشكال الدعم الحكومي، من غلاء معيشة وقروض إسكان، ودعم لحوم وكهرباء وبلدية، في حين أن هذا الحق لا يمنح بتاتًا للمرأة البحرينية.

هنا يعيد السؤال نفسه، ونعود مرة أخرى إلى المربع الأول، لماذا وكيف وإلى أين؟ لماذا تأخر الوعد الحق من المجلس الأعلى للمرأة بأن تمنح السيدة البحرينية جنسيتها لأبنائها من أب أجنبي، لماذا لا يتساوون في الحقوق والواجبات مع أبناء شقيقها البحريني الذي يتمتع بهذا الحق من دون تردد أو تأخير؟ وكيف نتمادى في تلك النظرة والمشروع الإصلاحي الكبير لمليكنا المعظم حفظه الله ورعاه يمنع التمييز بين المواطنين على أساس اللون أو الجنس أو العرق، وأن الجميع سواسية في حقوق المواطنة كأسنان المشط؟

وإلى أين يتجه المطلب بعد أن حمله الرأي العام على كاهله لسنوات طويلة وتم الحديث عنه خلسة أو همسًا تحت قبة البرلمان، لكن أيًا من نائباتنا الفضليات لم تطرحه حتى اللحظة ولو على هيئة اقتراح برغبة أو مشروع لقانون، أو فكرة تستحق الدراسة؟

لماذا المجلس النيابي يهتم بإثارة النعرات أكثر من إثارته لصون الحقوق؟ ولماذا تتحدث البعض من نائباتنا المحترمات عن الأجنبي الذي يعمل بشرف وكأنه سارق أقوات المواطنين، وأنه لا يقدم لهم خدمة حسب المعايير والقوانين والشرائع الدولية؟

لماذا ننشغل بما هو مسيء لحقيقة هذا الشعب العظيم وهذه الدولة العريقة، وقيادتها الحكيمة ولا ننشغل بما هو جدير، وما هو ضروري، وما هو يأتي على بلادنا بالخير الوفير؟

هذه أسئلة لابد منها ونحن نحتفي مع المرأة البحرينية العظيمة بيومها السعيد، مستذكرين كيف أنها وقفت خلف الرجل على مدى التاريخ البعيد، عندما كان يذهب إلى الحقل أو في رحلة طويلة للغوص ولا يعرف متى يعود؟ وكيف أنها كانت تتحمل مسئولية تعليم وتربية أطفالها خلال تلك الرحلة التي قد تمتد لشهور في عرض البحر، ولا أحد يتوقع إذا ما كان الأب سيعود سليمًا معافى وبرزق وفير من المحار والصيد الثمين، أم الطبيعة الغادرة قد تهزمه ولا يعود إلى بيته أبدًا؟

نرفع القبعة ونقدم التهاني للمرأة البحرينية في يومها «الطويل» مستذكرين أفضالها وكل عام وجميعنا بألف خير.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد