وكأن سوريا ليست مثقلة بجملة قضايا صعبة ومرهقة مثل الصراع الأهلي الذي انطلق في العام ٢٠١١، وانكماش سلطة النظام في مساحة محدودة من الأرض، وفشل الدولة العام في القيام بمهامها الطبيعية كدولة ليست فاشلة. وجاءت الضربة الجوية الإسرائيلية الصاروخية لمنطقة كفرسوسة الضاحية الدمشقية الراقية، في الحقيقة ليست هذه الضربة الجوية الأولى لمطارات ومناطق عسكرية إيرانية على الأرض السورية، لكن هذه الضربة يقال إنها متميزة عما سبقها من ضربات مماثلة، هذه الضربة التي اعتبرتها إسرائيل مصيدة لمجموعة من الرؤوس والقيادات الإيرانية مع وجوه وقيادات حزبية وتحديداً من حزب الله اللبناني، ووجوه أخرى من قوى ميليشياوية في المنطقة.
المعلومات التي رصدت من أكثر من مصدر قالت بشكل يقترب من التأكيد إن المنطقة المستهدفة هي منطقة عسكرية إيرانية ضمت قيادات من الحرس الثوري بالدرجة الأولى، خاصة تلك التي توفرت عن وجودها أنباء منذ أسبوعين مع قوافل الإغاثة الإنسانية، التي تؤكد مصادر مستقلة أن بعض حاويات المساعدات كانت تحمل صواريخ ومواد عسكرية تهدد الأمن الإسرائيلي.
الكم الذي وفرته المعارضة من المعلومات حول هذه المنطقة هي أنها منطقة عسكرية تدريبية عقائدية إيرانية تتدثر برداء ثقافي؛ كون أبرز المباني فيها مدرسة إيرانية في دمشق تعرف بمدرسة الإمام الخميني. الأمر الذي كثر حوله الجدل هو إنكار الجانب الإيراني خسارة أسماء قيادية في الحرس الثوري أو ممن يعرفون بالعسكريين الإيرانيين الذين يشرفون على الملف السوري، والذي يعتبر في أدبيات الحرس الثوري بملف سوريا كمحافظة إيرانية.
أصوات في المعارضة السورية أكدت أن هناك ضحايا إيرانيين وسوريين ولبنانيين وفلسطينيين، وأن كل تلك الأسماء سيعلن عن مغادرتها الحياة في المستقبل القريب، واعتبار تلك الوفيات أنها طبيعية لحرمان الجانب الإسرائيلي من الشعور بتحقيق أي نصر.
على مسار آخر، قالت بعض الفصائل السورية المعارضة إن القيادات المشتركة من كل تلك الجهات غادرت المبنى المستهدف بدقائق بناءً على معلومات استخباراتية تم تسريبها بين أكثر من طرف. السؤال الذي يطرحه البعض وهو سؤال وجيه.. لماذا تختار إسرائيل الصراع مع إيران باستهداف قياداتها وأذرعها في المنطقة على الأرض السورية بالتحديد. الجواب بسيط جداً، وهو لأنَّ سوريا كدولة ونظام نصف ميتة ونصف حية، ولأنَّ إيران التي غالباً ما تتوعد بالرد، لا ترد تجنباً لأي تصعيد قد ينشب صراعا مباشرا مع إسرائيل. إيران تردد دوما حقها بالاحتفاظ بالرد، وسوريا تنسج على ذات الوتيرة.

