: آخر تحديث

ليست بكتيريا تنتقل في الهواء

8
7
11
مواضيع ذات صلة

ليست البلدان النامية وحدها التي يعاني بعضها انقسامات اجتماعية وسياسية حادة، تتحول أحياناً إلى نزاعات مسلحة وحروب أهلية تطول سنين. من توصف بالمجتمعات المتقدمة مرشحة للدخول في تناقضات لا تقلّ حدة، والسنوات الأخيرة شاهدة على ذلك، ولا يبدو مفاجئاً للكثيرين من متابعي الشأن السياسي الدولي، أن الولايات المتحدة بالذات، الدولة الأكبر والأهم والأقوى في المعسكر الرأسمالي الغربي، في مقدمة هذه الدول المرشحة لتفاقم الانقسامات الداخلية فيها.

هذه ليست أقوالنا. محطة التلفزة الأمريكية «إن. بي. سي» أجرت استطلاعاً خلصت في نتائجه إلى أن ما نسبته 62% من الطلبة الجامعيين الأمريكيين المناصرين للحزب الديمقراطي، يرفضون أن يشاركهم في غرف السكن الداخلي الجامعي، زملاء ذوو هوى جمهوري، وأن 80% من مجموع الأمريكيين من الميلين النقيضين، الجمهوري والديمقراطي، يتهم كل فريق، الفريق الآخر بالتزمت والغباء والمكر وانعدام الأخلاق.

تناول الاستطلاع الفترة بين 2016 و 2022، وهي التي شهدت ولاية الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب، وجزءاً من ولاية الرئيس الديمقراطي الحالي جو بايدن، ومن ضمن خلاصاته أيضاً، أن ما نسبته 15% من الجمهوريين و20% من الديمقراطيين يرون أن أحوال بلدهم ستكون أفضل، كلما مات عدد أكبر من الفريق الآخر، وخطورة ميل مثل هذا، قد تعكس استعداداً مبطناً لممارسة العنف، من قبل كل فريق ضد الفريق الخصم.

في الأمر تفصيل مهم للغاية، يتصل بدور وسائل التواصل الاجتماعي في التحريض على الانقسام، والفرقة، وكراهية الآخر من أبناء المجتمع الأمريكي نفسه، فتقرير داخلي لمنصة «فيسبوك» يظهر أن الخوارزميات تتعمد أن تقدّم إلى المستخدمين محتويات، تبعث على الانقسام، كأن تقترح عليهم إضافة أصدقاء يحملون الهوى المتطرف نفسه النابذ للآخر، وقراءة مواد تعزز هذا الميل، وهي أمور ما كان سيطلعون عليها، لولا هذا «التحريض» الخفي الذي تؤديه وسائل التواصل الاجتماعي.

نتذكر جميعاً الأعداد المهولة لمتابعي الرئيس السابق ترامب على حسابه في «تويتر»، ومدى تفاعلهم مع ما ينشره، بما في ذلك الإعلان عن قرارات عاجلة يتخذها، بعضها تضمن إقالة كبار مساعديه، حتى قبل الإعلان عنها رسمياً من البيت الأبيض، ونتذكر أيضاً ما قيل عن دور تغريداته في تحفيز مناصريه لاقتحام مبنى «الكابيتول».

مذيعة «إن. بي. سي» التي قدّمت المعطيات أعلاه بدت مندهشة وهي تخاطب هؤلاء المنقسمين: من يختلف معك في الرأي ليس بكتيريا تنتقل في الهواء لكي تخشاه.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.