: آخر تحديث

أهمية التنمية السياسية

15
11
13
مواضيع ذات صلة

ازدهرت برامج التنمية البشرية في العقدين الأخيرين في العالم العربي ازدهاراً كبيراً، وتضاعف التوجه نحو الرياضات الروحانية كأحد عوامل تصفية النفس البشرية، التي تساعد على جذب الطاقة الإيجابية وتنميتها داخل النفس، ولعل أشهر الكتب في هذا المجال هو كتاب «السر» (The Secret) للمؤلفة الأسترالية روندا بايرن. وللعلم فقط، فقد بيع من هذا الكتاب، الذي صدر في عام 2006، أكثر من 21 مليون نسخة، وتُرجم إلى 44 لغة، ما يدلّ على حاجة الإنسان للأمن النفسي والصفاء الروحاني.

وقارن عدد من الكتاب بينه وبين آيات من القرآن الكريم، تدعو إلى تصفية النوايا وتعزيز الإيمان لتحقيق الدعاء، حتى أن البعض افترض اطلاع الكاتبة على القرآن الكريم.


وفي إطار التنمية البشرية ذاتها، أهمل الإنسان التنمية السياسية، وهي الموضوع الأكثر انتشاراً بين الناس، فلا يلتقي اثنان إلا وثالثهما السياسة، السياسة بمعناها الشامل، التاريخي والجغرافي والوطني والحاضر والمستقبل، وفلسفات علاقة الدول ببعضها، وعلاقة الناس بالناس، كلها تعتمد على السياسة، لكننا نادراً ما نجد أحدهم يطلق أو يشير إلى برامج للتنمية السياسية.

وبما أننا ذكرنا كتاب «السّر» كأشهر الكتب في التنمية البشرية في العقدين الأخيرين، فلا ضرر من الإشارة أيضاً إلى كتب شهيرة في علم السياسة، بوصفها تدير العلاقات بين الدول والأفراد. ولعل أشهر الكتب في هذا الميدان، والذي ينال اهتمام السياسيين في بقاع الأرض كافة، هو كتاب «الأمير» لكاتبه الإيطالي ميكيافيلي الذي كتبه في عام 1513، حيث اعتبره كثيرون مرجعاً في الفقه السياسي، وهو صاحب مقولة «الغاية تبرر الوسيلة».

ومن الكتب التي أثارت جدلاً وصدرت في عام 1989 كتاب «نهاية التاريخ» للمؤلف فرانسيس فوكوياما، ويتحدث فيه عن الديمقراطية الليبرالية والمساواة والسيادة الشعبية ومرحلة الليبرالية الاقتصادية، واعتبر تحقيق ذلك نهاية التطوّر الأيديولوجي للإنسان «وبالتالي عولمة الديمقراطية الليبرالية كصيغة نهائية للحكومة البشرية». وقد أحدث الكتاب جدلاً كبيراً في الولايات المتحدة الأمريكية والعالم. وهناك من يعتبر كتاب «البيان الشيوعي»، الذي كتبه المنظّران السياسيان كارل ماركس وفريدرخ إنجلز عام 1948، أحد أكثر الكتب السياسية تأثيراً في العالم، وقدّم المؤلفان تحليلاً للصراع بين الطبقات الاجتاعية ومشاكل الرأسمالية وغيرها.

وعودة إلى التنمية السياسية، وقد يستهجن البعض هذا الطرح، معتقداً أن السياسة فقط للسياسيين، بينما السياسة هي فن الممكن والقدرة على التعامل مع الواقع بحالاته المختلفة. لتكن التنمية السياسية عبارة عن ثقافة وطنية كمدخل لهذا العلم الحياتي الحيوي، ولو شاء أحد مراكز الاستطلاعات إجراء بحث في ثقافة الناس بشأن أوطانها، كالمعلومات التاريخية والجغرافية والسياسية، والقضايا التي تشغل المواطنين، والتحديات الآنية والمستقبلية، لربما يُصدم من النتيجة، وسيجد إجابات كثيرة تقول: (لا أتحدث في السياسة)، وهذا ناتج عن سوء فهم لمصطلح السياسة، بينما اللغة الراقية والفكر الموضوعي يجعلان كل الموضوات متاحة للنقاش.

التنمية السياسية تشبه التنمية النفسية الذاتية، فكما أن الأخيرة تستند إلى مقولة: (اعرف نفسك)، فإن الأولى تستند إلى مقولة: (اعرف وطنك)، بسياساته ورجالاته وخططه وبرامجه وثرواته وحدوده وإنجازاته وقدراته وخدماته وعطاءاته، وعلاقة هذا الوطن بجيرانه الأقربين والبعيدين، والأهم من كل هذا، علاقة المواطن بالوطن، فإذا وضع هذا الهدف نصب عينيه، فإنه سيبدأ بالبحث عن كل ما سبق، وسيحقّق تنمية إيجابية سياسية وطنية، يشاركها مع الآخرين من الأجيال المختلفة.

لقد بدأنا بأمهات الكتب السياسية المحرّكة للفكر السياسي، ويمكننا الانتهاء بالدعوة إلى وضع برامج للتنمية السياسية، تشمل التربية الوطنية والأخلاقية والسلوكية والحماسية وعلاقتها بالإنسان أو المواطن. ويقال إن الإنسان هو كائن سياسي في المقام الأول، لهذا يجب تنمية كينونته.. والحديث متشعّب وذو شجون وشؤون.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.