: آخر تحديث

أبعاد استراتيجية صندوق التنمية الوطني

19
18
21
مواضيع ذات صلة

التمويل والاستثمارات الأجنبية، يعدان أهم أركان نجاح أي دولة اقتصاديا، ولو تتبعنا أي تجربة اقتصادية ناجحة، سنرى أن هيكلة التمويل والاستثمارات الأجنبية أساس نجاح الدول الناشئة اقتصاديا، ويمكننا ملاحظة ذلك في جميع تجارب الدول مثل البرازيل وتشيلي وكوريا الجنوبية والصين وماليزيا واليابان، مع اختلافات شكلية من حيث الطرق والأساليب، غير أن جذر النجاح كان يعتمد على هيكل التمويل في الاقتصاد والاستثمارات الأجنبية، وفي الوقت نفسه لا يمكننا إغفال الإصلاحات التنظيمية والتشريعية وبيئة الأعمال وحوكمة أصحاب المصالح، ولكنها تأتي ثانيا، أي بعد نموذجي التمويل والاستثمار الأجنبي، بمعنى آخر: صناع السياسة الاقتصادية يرسمون محددات صلبة من خلال التمويل والاستثمار الأجنبي، ويتركون الإصلاحات للأجهزة التنفيذية ويستدلون على نجاح الأجهزة التنفيذية من معدل نمو التمويل ودخول مستثمرين جدد إلى الاقتصاد، فالقيادة الاقتصادية بهذا النموذج، تعالج كل التحديات الخفية التي تقع في الظل التنفيذي - إن صح التعبير.
يمكننا وصف منهجية الإدارة التنموية والاقتصادية في السعودية ما بعد 2016، بأنها إصلاحية تحويلية، ويعزى ذلك إلى الإصلاحات الهيكلية التي تمت وركزت على هيكلة الأجهزة الحكومية وحولتها إلى حكومة رشيقة، تعتمد على تحقق الغاية النهائية بعيدا عن مناكفات البيروقراطيين التي تمثل مقاومة تغيير غير منظورة وغير مقصودة في الوقت ذاته، أي بسبب الهيكل التنظيمي الاقتصادي والإداري السابق الذي لا يتوافق مع التحولات الاقتصادية الكبرى التي يقودها عراب الرؤية الأمير محمد بن سلمان، في مقابل أنها قد تكون ملائمة في مراحل ماضية.
سأعود إلى استراتيجية صندوق التنمية الوطني، الذي يضم سبعة صناديق في مجالات العقار والصناعة والسياحة والثقافة والزراعة والموارد البشرية محليا، وصندوقا لتمويل المشاريع الإنمائية في الدول النامية، أما عدد البنوك فبلغت ثلاثة بنوك تنموية في مجالات التنمية الاجتماعية والمنشآت الصغيرة والمتوسطة وبنك تمويل للصادرات السعودية غير النفطية.
عمليا، جميع الصناديق والبنوك التنموية والواقعة تحت إدارة صندوق التنمية الوطني، كلها تمثل وسيط تحول اقتصادي تمويلي مواز للنظام المصرفي، فكثير من الدول كانت تصمم نماذجها الاقتصادية الربحية وتتجاهل المؤشرات الاجتماعية، بهدف دمجها لاحقا بقوة التحول أو مع النتيجة النهائية للاصطلاحات. ومع الأسف، فإن ذلك النهج مرهق للمجتمعات ويؤدي إلى تفاوت طبقي واسع، أما استراتيجيتنا في السعودية فهي شاملة تراعي الجميع بشكل شمولي متسق مع نموذجها الاقتصادي المصنف بالاقتصاد الغني أصلا.
أخيرا: بفضل الله، سيظل النقد كثيفا في اقتصادنا بسبب النفط وتنويع الاستثمار، ولهذا صندوق التنمية الوطني سيعمل على توجيه الأموال إلى القطاعات بعدالة وتوازن وشفافية ضمن الأولويات الاقتصادية والاجتماعية، ما سيعزز من التوازن التمويلي التنموي والتجاري بين القطاعات ويزيد من مشاركة التمويل مع القطاع الخاص، بهدف النمو والتوظيف، ومن المؤكد سيحد من ضعف جاذبية بعض القطاعات نتيجة لاستغلال الفجوات التنموية من ملاك الفوائض المالية كما بين قطاعي العقار والصناعة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد