: آخر تحديث
فلاح مغربي يروي ل"إيلاف "كيف يواجه الجفاف؟

الحكومة المغربية تعترف بحدة أزمة المياه التي يواجهها المزارعون

2
2
2

إيلاف من الرباط:في أعالي سلسلة جبال الأطلس الكبير، وتحديدًا بقرية إيمولاس التي تبعد 50 كيلومترًا عن مدينة تارودانت (شرق أغادير )، يقف محند أعوايس،وهو مزارع خمسيني،متأملًا حقله الصغير، الذي يحتوي على بعض أشجار الأركان ومزروعات معيشية، لكنه الآن يشهد تغيرًا كبيرًا بفعل قلة التساقطات المطرية والثلجية. إذ كانت الأرض، في مثل هذا الوقت، قبل سنوات تزهو بخضرتها، لكنها اليوم جافة متشققة وكأنها تروي معاناتها مع ندرة المياه.

يقول أعوايس،لـ "إيلاف"في اتصال هاتفي :"هذا الحقل كان مصدر غنى للأسرة عندما كانت وديان المياه تجري بجانبه"،معبّرا عن حيرته أمام جفاف العيون الجوفية التي كانت تتدفق ماء على سفوح الجبال.

المشهد يعرف تغيرًا كبيرًا بفعل قلة التساقطات المطرية والثلجية

وأضاف بأسى "لم يبقَ سوى عين واحدة، لكنها لا تكفي للسقي، لم أتخيل يومًا أن تصبح مياه الجدول أغلى من الذهب. كنا نروي الحقل من دون قلق، أما الآن فكل قطرة ماء هي إنجاز كبير". 

ندرة المياه تشكل أزمة وطنية 

تعترف الحكومة المغربية بحدة أزمة المياه التي يواجهها الفلاحون.ففي تصريح أدلى به وزير الفلاحة، أحمد البواري، أمس الإثنين بمجلس النواب، أكد أن المياه المخصصة للسقي الفلاحي لم تتجاوز 24% من الحصة المتاحة خلال ال 15 سنة الأخيرة. وأوضح أن مياه السدود المخصصة للسقي بلغت 723 مليون متر مكعب فقط من أصل 5.3 مليار متر مكعب، مما يمثل عجزًا بنسبة 86%. 

وأشار البواري إلى أن العجز مستمر للسنة السادسة على التوالي، حيث تعاني معظم المناطق الفلاحية الكبرى، باستثناء حوضي اللكوس والغرب (شمال وغرب المغرب) من نقص حاد في المياه. 

أرقام تروي قصص معاناة 

 هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، إنها تمثل معاناة يومية لفلاحين مثل محند أعوايس، الذي دفعه تراجع التساقطات المطرية وارتفاع درجات الحرارة كباقي المزارعين إلى الاعتماد على المياه الجوفية، التي بات استنزافها يهدد استدامتها. 

يقول أعوايس إن "حفر بئر يتطلب 50 ألف درهم (ما يعادل 5 آلاف دولار)، وهو مبلغ كبير بالنسبة لفلاح يعتمد على الزراعة المعيشية. وحتى لو حفرت البئر، من يضمن لي وجود الماء؟". 

حلول حكومية بين الطموح والتحديات 

أعلنت وزارة الفلاحة عن استعدادها للموسم الفلاحي الحالي من خلال دعم البذور والأسمدة، وإدخال أصناف جديدة تتلاءم مع الظروف المناخية القاسية. كما تعمل على مشاريع تحلية المياه وصيانة السدود لضمان تزويد المناطق الأكثر تضررًا. 

لكن بالنسبة لأهوائي، الذي يرى أرضه تموت يومًا بعد يوم، تبدو هذه الجهود متأخرة. ويقول بأسى "كل يوم يمر يضعف أملي في إنقاذ محصولي"، حيث أن أزمة المياه ليست مشكلة قصيرة الأمد. إنها تحدٍ كبير للمنظومة  الزراعية المغربية ، وقدرة البلاد على حماية أمنها الغذائي في مواجهة التغيرات المناخية المتسارعة. 

 أعوايس، كغيره من آلاف الفلاحين المغاربة، يدرك أن المعركة ليست سهلة، لكنها تتطلب جهودًا حثيثة وطويلة الأمد.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار