إيلاف من بيروت: يجمع المراقبون السياسيون والعسكريون في لبنان على أن ما جرى مساء الأحد 10 ديسمبر 2023 في الجنوب اللبناني وصل إلى حد كسر كل ما يسمى "قواعد الاشتباك" التي لجمت التدهور منذ 8 أكتوبر الماضي، وقننت العنف بين حزب الله وأترابه من جهة والجيش الإسرائيلي من جهة أخرى.
منذ اشتعلت الجبهة الجنوبية، كان حزب الله، على لسان أمينه العام حسن نصرالله وقادته الآخرين، واضحًا في أن هذه الجبهة ولدت لإشغال إسرائيل في معارك جانبية تخفف الضغط عن غزة. حتى كان مساء الأحد، حين تولت المقاتلات والمسيرات الإسرائيلية قصف 40 بلدة وقرية جنوبية، من الناقورة في الساحل غربًا حتى مزارع شبعا في القطاع الشرقي من الجبهة، وحين صب الإسرائيليون جام غضبهم على بلدة عيترون في القطاع الأوسط، فدمرت غاراتهم الجوية حيًّا كاملًا فيها، في صورة مصغرة لما ينفذه سلاح الجو الإسرائيلي من قصف ممنهج لأحياء غزة.
خشية فعلية
تنقل تقارير إعلامية عن مراقبين لبنانيين ودبلوماسيين أجانب في لبنان خشيتهم الفعلية "هذه المرة"، من أن تكون الحدود اللبنانية – الإسرائيلية مسرح عمليات تصعيدية، يوازي المطالب الإسرائيلية بإبعاد حزب الله عن الحدود إلى ما بعد نهر الليطاني كي يطمئن قلب الإسرائيليين فيعودون إلى قراهم وبلداتهم المحاذية للخط الأزرق، وتنفيذ القرار الدولي 1701.
لا ضرورة للسؤال عن رد حزب الله على هذا الطلب الإسرائيلي. فالعمليات التي ينفذها مستهدفًا المواقع الإسرائيلية بالصواريخ الثقيلة، واخيرًا الأحد بالمسيرات المفخخة، دليل على أنه لن يتراجع، وهذا بالتالي يترك الجنوب ولبنان كله في مهب العاصفة الإسرائيلية، التي تشتد اليوم على وقع التهديدات الكثيرة التي يطلقها مسؤولون إسرائيليون، والتي تزداد حدة بعد الفشل العسكري الإسرائيلي في تحقيق أي نصر أكيد على حركة حماس في غزة.
دخان القصف الإسرائيلي على قرى وبلدات في جنوب لبنان الأحد 10 ديسمبر 2023
في الميدان، قالت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية في لبنان إن غارات المقاتلات الجوية الإسرائيلية "سوّت عدداً من منازل بلدة عيترون بالأرض، وتضرَّر عدد كبير آخر من المنازل"، فهرعت طواقم الإغاثة إلى المكان لإنقاذ الجرحى الذين سقطوا هناك. اضافت الوكالة أن القصف الإسرائيلي كان عنيفًا على محيط بلدتي الناقورة وعلما الشعب، وعلى خلة موسى عند أطراف بلدة رميش الحدودية. وأطلقت مسيّرة إسرائيلية صاروخاً سقط في جوار مسجد بلدة مروحين، وأطلقت مسيرة أخرى صواريخها على وطى الخيام.
خطأ في التقدير
كذلك، سقطت بقايا صاروخ إسرائيلي أطلقته "القبة الحديدية" فوق الجليل قرب مركز تابع لقوات اليونيفيل بالناقورة، فأطلقت صفارات الإنذار، والتزم جنودها مراكزهم المحصنة. وقال أندريا تيننتي، الناطق الرسمي باسم اليونيفيل إن قصفاً طال برج مراقبة داخل موقع للقوات الدولية قرب إبل القمح، وأدى إلى أضرار في هيكل البرج، من دون وقوع إصابات بشرية. واضاف: "مصدر إطلاق القذائف قيد التحقيق"، مشددًا على أن أي استهداف لمواقع اليونيفيل وأي استخدام للمنطقة المجاورة لمواقعها لشنّ هجمات عبر الخط الأزرق هو "أمر غير مقبول ويشكل انتهاكًا للقانون الدولي، وأنبه إلى أن احتمالات حدوث خطأ في التقدير يمكن أن تؤدي إلى نزاع أوسع في جنوب لبنان".
أما الجيش الإسرائيلي فقال إنه نفذ غارات عدة في جنوب لبنان، ردّاً على إطلاق صواريخ على شمال إسرائيل، وقصف بالطائرات ونيران الدبابات موقعاً وبنى تحتية لحزب الله وخلية مسلَّحين في جنوب لبنان.
ويذكر في هذا السياق أن كتائب القسام في لبنان أعلنت الأحد أنها قصقت بالوصاريخ مواقع عسكرية إسرائيلية في ليمان وخربة مارع بالجليل الغربي، في موازاة إعلان حزب الله ضرب مواقع إسرائيلية في بركة ريشا وفي موقعي زبدين ورويسات العلم بتلال كفرشوبا ومزارع شبعا مستخدمًا صواريخ "بركان".