واشنطن: "هذه ليست مأساة بعيدة عنّا!"، بهذه الكلمات علّق الرئيس الأميركي جو بايدن الإثنين على وجود 11 من مواطنيه في عداد مئات القتلى الذين سقطوا بنيران حركة حماس في هجومها المباغت على إسرائيل صباح السبت والذي اقتادت خلاله عشرات، بينهم "على الأرجح" أميركيون، إلى قطاع غزة حيث تحتجزهم الحركة "الهمجية" رهائن.
بالموازاة، أعلنت الولايات المتّحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا في بيان مشترك صدر في أعقاب محادثات نادرة جرت بين قادة الدول الخمس أنّها "ستدعم جهود إسرائيل للدفاع عن نفسها"، مؤكّدة في الوقت نفسه أنّها تدين "بشكل لا لُبس فيه" الهجوم الذي شنّته حركة حماس على الدولة العبرية.
وأضافت الدول الخمس في بيانها "نحن جميعاً نعترف بالتطلّعات المشروعة للشعب الفلسطيني ونعتقد أنّه يحقّ للإسرائيليين والفلسطينيين أن يحصلوا على قدم المساواة على العدالة والحرية، لكن دعونا لا نخدع أنفسنا: حماس لا تمثّل هذه التطلّعات".
وصدر البيان المشترك في أعقاب محادثة جرت بين بايدن والمستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، وفقاً لبيان نشره البيت الأبيض.
وسيدلي بايدن (80 عاماً) الثلاثاء في البيت الأبيض بخطاب يتناول فيه هجوم حماس غير المسبوق.
وليل الإثنين، أضيء البيت الأبيض بلوني العلم الإسرائيلي الأزرق والأبيض تضامناً مع الدولة العبرية.
والإثنين، قال بايدن في بيان إنّ 11 مواطناً أميركياً على الأقلّ قُتلوا في الهجمات "المفجعة" التي شنّتها الحركة الفلسطينية المسلّحة، مؤكّداً أنّ "سلامة المواطنين الأميركيين - سواء في الداخل أو الخارج - هي أولويتي القصوى كرئيس".
ونقل البيان عن بايدن قوله عقب ترؤّسه اجتماعاً لفريقه للأمن القومي في البيت الأبيض "ما زلنا نعمل على تأكيد ذلك، إلا أنّنا نعتقد أنّه من المرجّح أن يكون مواطنون أميركيون من بين أولئك الذين تحتجزهم حماس".
وتابع الرئيس الأميركي "لقد أعطيت توجيهات لأعضاء فريقي بالعمل مع نظرائهم الإسرائيليين على أزمة الرهائن بكلّ جوانبها، بما في ذلك تشارك معلومات استخبارية ونشر خبراء من كلّ أقسام الحكومة للتشاور مع نظرائهم الإسرائيليين وتقديم المشورة لهم في ما يتعلق بجهود استعادة الرهائن".
وقال بايدن إن كثراً من المواطنين الأميركيين الأحد عشر الذين قُتلوا في هجمات نهاية الأسبوع كانت إسرائيل وطنهم الثاني.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية أعلنت في حصيلة سابقة مقتل تسعة أميركيين في هجوم حماس على جنوب إسرائيل.
وأعرب بايدن عن تضامنه مع "كلّ العائلات التي تضرّرت من الأحداث الرهيبة التي وقعت في الأيام القليلة الماضية".
وأضاف الرئيس الأميركي في بيانه "نتذكّر الألم الناجم عن تعرّضنا لهجوم من قبل إرهابيين في ديارنا، والأميركيون في جميع أنحاء البلاد متّحدون في مواجهة هذه الأعمال المروّعة التي أودت مرة أخرى بحياة أميركيين أبرياء. هذه فضيحة".
ووصف بايدن حصيلة القتلى الجديدة بـ"المفجعة"، علماً بأنّ هذا الرقم مرشّح للارتفاع بعد أن أعلنت الحكومة الأميركية الإثنين أنّها لا تزال بدون أخبار عن عدد من مواطنيها في إسرائيل.
وحماس التي اتّخذت نحو 150 رهينة في هجومها المباغت على جنوب إسرائيل، هدّدت الإثنين بالبدء بقتلهم في حال استمر "استهداف أبناء شعبنا الآمنين في بيوتهم دون سابق إنذار"، بحسب ما قال متحدّث باسمها.
وجاء تهديد حماس بعدما أعلنت إسرائيل فرض حصار مطبق على غزة وقطعت إمدادات المياه عن القطاع، وهو ما أثار مخاوف لدى الأمم المتحدة من تفاقم الأزمة الإنسانية فيه.
وقُتل 800 شخص على الأقلّ في إسرائيل منذ بدء هجوم حركة حماس، وفق ما أعلن الجيش الإسرائيلي.
وردّت إسرائيل على الهجوم بقصف غزة حيث قتل ما لا يقلّ عن 687 فلسطينيًا، وفقاً لبيانات وزارة الصحة في القطاع.
وقال بايدن في بيانه إنّ "العديد من العائلات الأميركية تعاني من هذا الهجوم ومن الجروح التي لحقت بها على مدى آلاف السنين من معاداة السامية واضطهاد اليهود".
وأضاف أن قوات الأمن في سائر أنحاء الولايات المتّحدة عزّزت إجراءاتها حول الأماكن التي يتجمّع فيها اليهود في أعقاب هجوم حماس المباغت وغير المسبوق.
وشدّد الرئيس الأميركي على أنّ الولايات المتّحدة وإسرائيل حليفتان "لا تنفصلان"، متعهّداً "التأكّد من أنّ إسرائيل لديها كلّ ما تحتاجه للدفاع عن نفسها".
ونشرت الولايات المتحدة أكبر حاملة طائرات لديها مع خمس سفن حربية قرب إسرائيل دعماً للدولة العبرية، وعزّزت أسراب مقاتلاتها في المنطقة.
من جهتها، نشرت باريس نسخة عن البيان المشترك الصادر ورد فيها أنّ القادة الخمس يدعون إيران إلى "عدم توسيع نطاق النزاع إلى أبعد من غزة".
وقال القادة في بيانهم بحسب النسخة الصادرة عن الإليزيه "ندعو المجموعات المتطرفة الأخرى، وكلّ دولة قد تسعى للاستفادة من الوضع، خصوصاً إيران، إلى عدم السعي لاستغلال هذا الوضع لغايات أخرى، وعدم توسيع نطاق النزاع إلى أبعد من غزة".
لكنّ الرئاسة الفرنسية ما لبثت أن عدّلت نسختها من البيان لتتوافق مع بقية النسخ الصادرة عن العواصم المعنية بأن أزالت منه الإشارة إلى إيران.
من جهته، حذّر مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية الإثنين حزب الله اللبناني المدعوم من إيران من مغبة اتّخاذ "قرار خاطئ" بفتح جبهة ثانية مع إسرائيل في خضم تصدّيها لهجمات حركة حماس في قطاع غزة.
وشبّه المسؤول في البنتاغون الهجمات التي شنّتها حماس في نهاية الأسبوع على جنوب إسرائيل وقتلت خلالها مئات المدنيين بهجمات تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال المسؤول إنّ "ما شهدناه يُرتكب ضدّ مدنيين إسرائيليين هو مستوى وحشية تنظيم الدولة الإسلامية"، مشيراً إلى إحراق منازل وارتكاب مجازر بحقّ شبّان كانوا في حفلة موسيقية.
من ناحيته، قال المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي الاميركي جون كيربي للصحافيين "ليست هناك أيّ نيّة لنشر جنود أميركيين على الأرض"، مضيفاً أنّ الرئيس بايدن "سيحرص دائماً على أنّنا نحمي مصالح أمننا القومي وندافع عنها".
وفي ما يتعلّق بإيران، قال كيربي إنّ الولايات المتّحدة "لم تجد دليلاً قوياً وملموساً على تورّط إيران المباشر" في الهجوم الذي شنّته حماس السبت.
لكنّ كيربي اعتبر أنّ هناك "درجة من التواطؤ" من جانب الجمهورية الإسلامية بسبب دعمها الطويل الأمد لحماس.