بغداد: أعلن وزير الداخلية العراقي الأحد إقالة مسؤولين محليين واتخاذ اجراءات إدارية بحقّهم في محافظة نينوى في شمال العراق على خلفية "الإهمال" و"عدم القيام بالواجبات الوظيفية" إثر الحريق الدامي الذي اندلع خلال حفل زفاف وأسفر عن مقتل 107 أشخاص.
وقال الوزير عبد الأمير الشمري خلال مؤتمر صحافي إلى جانب مسؤولين آخرين إن المأساة التي وقعت أواخر أيلول/سبتمبر هي "حادث عرضي"، مضيفاً أن قاعة الاحتفالات التي وقع فيها الحريق "لها طاقة استيعابية لا تتجاوز 400 شخص" لكن عدد المدعوين بلغ 900.
وأشار رئيس اللجنة التحقيقية الخاصة بكشف ملابسات الحريق اللواء سعد فالح في المؤتمر الصحافي نفسه إلى أن آخر حصيلة تفيد بمقتل 107 أشخاص وإصابة 82 آخرين بجروح.
وأوضح أنّ "السبب الرئيسي" للحادث هو إطلاق ألعاب نارية داخل القاعة بارتفاع فاق أربعة أمتار من أربع آلات.
وخلصت اللجنة الى أن تلك "الألعاب النارية" أدّت إلى احتراق السقف المبني من مواد "سريعة الاشتعال" و"ممنوعة"، فضلاً عن مواد للزينة ومواد صنعت منها ستائر القاعة، كلها سريعة الاشتعال. ولاحظت اللجنة التحقيقية كذلك وجود "كميات كبيرة من المشروبات الكحولية" ما ساعد في سرعة انتشار النيران، وفق فالح.
تحقيق وتفتيش
في الوقت نفسه، أعلن الوزير خلال المؤتمر الصحافي "إعفاء" خمسة مسؤولين محليين من مناصبهم "لثبوت تقصيرهم وإهمالهم وعدم قيامهم بواجباتهم الوظيفية".
وهؤلاء المسؤولون هم وفق الوزير قائم مقام قضاء الحمدانية ومدير بلدية قضاء الحمدانية ومدير شعبة التصنيف السياحي في نينوى ومدير مركز صيانة كهرباء الحمدانية ومدير قسم الإطفاء والسلامة في مديرية الدفاع المدني نينوى.
كذلك تمّ فتح تحقيق بحقّ مدير الدفاع المدني في المحافظة "لعدم قيامه بواجباته واكتفائه بالانذارات والقضايا الروتينية".
وقال الشمري "كان هناك تقصير من قبل قائم مقام القضاء والقاعة مبنية أساساً على أرض متجاوز عليها...لكن القائم مقام سمح بفتحها بدون موافقة الجهات الأخرى".
كذلك، وفق الوزير، قام صاحب القاعة بإطفاء التيار الكهربائي فيها لحظة اشتعال النيران لاعتقاده بحصول احتكاك كهربائي، ما أثار "الذعر" بين الحاضرين الذين تدافعوا للخروج.
وكان صاحب القاعة قد تلقّى تحذيراً من السلطات المحلية بعد تفتيش القاعة في وقت سابق خلال هذا العام، وتعهّد إزالة سقفها وتغيير المواد التي صنع منها ضمن مهلة ستة أشهر تنتهي في 23 تشرين الأول/أكتوبر.
ومن بين 14 شخصاً جرى توقيفهم في سياق التحقيق، ثبت أن أربعة منهم، من بينهم مالك القاعة، "هم المسؤولون عن عملية نصب الآلات التي تستخدم في عملية إشعال الألعاب النارية"، وفق الداخلية.
ومن ضمن الاجراءات التي اتخذتها السلطات أيضاً، تغريم مشاريع مخالفة لإجراءات السلامة. وأعلن الدفاع المدني العراقي الخميس رصد "سبعة آلاف مشروع مخالف في عموم البلاد بينها قاعات مناسبات وفنادق ومطاعم ومشاريع خاصة، وتم تغريم أربعة آلاف" منها.
تظاهرة
غالباً ما لا يتمّ الالتزام بتعليمات السلامة في العراق، لا سيّما في قطاعي البناء والنقل، ما يؤدّي مراراً إلى اندلاع حرائق وكوارث مميتة أخرى.
وعلى الرغم من أنه بلد غنيّ بالنفط، يعاني العراق تدهوراً في بنيته التحتية التي تداعت جراء عقود من النزاعات وسوء في الإدارة العامة وفساد.
وكان التدهور في الخدمات العامة واحداً من أسباب اندلاع احتجاجات مناهضة للسلطة وغير مسبوقة في تشرين الأول/أكتوبر 2019، تظاهر خلالها عشرات الآلاف على مدى أشهر في بغداد وفي جنوب العراق، ضدّ فساد الطبقة السياسة والبطالة والزبائنية السياسية.
وتعرّضت الحركة الاحتجاجية لقمع أسفر عن مقتل 600 شخص وإصابة 30 ألفاً. وتراجعت على أثر تدابير الإغلاق المرتبطة بجائحة كوفيد.
وتظاهر نحو 500 شخص الأحد في ساحة التحرير بوسط بغداد إحياء للذكرى الرابعة لانطلاق تلك الاحتجاجات، قبل أن تقوم قوات الأمن بتفريقهم بالقنابل الصوتية، فيما رشق متظاهرون قوات الأمن بالحجارة، كما شاهد مصوّر في فرانس برس.