: آخر تحديث
ما يعكس تغيّراً في خطابه بشأن المسألة الأوكرانية

اليمين المتطرف الفرنسي يقر بـ"سذاجة" في مواجهة بوتين

57
46
53

باريس: اتخذ اليمين المتطرف في فرنسا بزعامة مارين لوبن مواقف متعاطفة مع روسيا لفترة طويلة، لكنه يتحدث حالياً عن "سذاجة جماعية" في مواجهة طموحات فلاديمير بوتين، ما يعكس تغيّراً في خطابه بشأن المسألة الأوكرانية.

أحرج الغزو الروسي لأوكرانيا منذ شباط/فبراير 2022 حركات اليمين المتطرف الكبرى في أوروبا، التي راوحت مواقفها بين الوفاء إيديولوجياً لفلاديمير بوتين والتضامن مع كييف، مشيرةً إلى مسؤولية الغرب في النزاع، من وجهة نظرها.

في إيطاليا، أكدت رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني التي تولت السلطة في تشرين الأول/أكتوبر دعم كييف، على غرار الحكومة الوسطية السابقة.

والخميس عشية الذكرى السنوية الأولى لبدء الحرب، لفت رئيس حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف في فرنسا جوردان بارديلا، في حديث لصحيفة "أوبينيون" اليومية، إلى "سذاجة جماعية تجاه رغبة فلاديمير بوتين التوسعية".

وقبل أسبوعين وقف بارديلا النائب في البرلمان الأوروبي مصفقاً للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي خلال زيارته لمقر البرلمان في بروكسل، في حين عبّر نواب آخرون من حزب "التجمّع الوطني" عن معارضتهم.

ولم يحضر النائب في البرلمان الأوروبي تييري مارياني الجلسة، وهو من أكثر النواب الفرنسيين المتعاطفين مع روسيا.

تحول في المواقف؟

وأحدثت مارين لوبن نفسها مفاجأة الأسبوع الماضي عندما شاركت في عشاء نظمته رئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية يائيل برون بيفيه بمناسبة زيارة نظيرها الأوكراني لباريس.

هل بدأ الحزب اليميني المتطرف الفرنسي يشهد تحولاً في موقفه؟ لم تخف مارين لوبن التي ترشحت إلى انتخابات الرئاسة في فرنسا، اهتمامها بفلاديمير بوتين لمدة طويلة. واستقبلها الرئيس الروسي في الكرملين في 2017 بعد شهر على اعترافها بلا تحفظ باستفتاء أجرته روسيا لضم شبه جزيرة القرم، ودانت العقوبات الأوروبية.

وما زالت تسدّد قرضًا بقيمة تسعة ملايين يورو لدائن روسي مرتبط بجنود سابقين.

لكن غزو موسكو لكييف دفع الحزب الفرنسي اليميني المتطرف تدريجاً إلى إدانة أصدقائه السابقين.

فقد اعترفت لوبن بـ "عدوان" بوتين بعدما عارضت في الربيع الماضي عقوبات الاتحاد الأوروبي في موازاة انتقادها لحلف شمال الأطلسي.

ودعت لوبن إلى "حل دبلوماسي للنزاع" منددةً مراراً بتسليم أسلحة فرنسية إلى القوات الأوكرانية، ولا سيما مدافع "سيزار". ولكن لم يعد الحزب برئاسة بارديلا يعارض إمداد أوكرانيا بالأسلحة.

ومطلع كانون الأول/ديسمبر، امتنع حزب "التجمع الوطني" عن التصويت على قرار في الجمعية الوطنية يؤكد "الدعم الكامل لكييف".

"مبادرة مؤتمر حول السلام"

في العمق، لم يغيّر أنصار لوبن فعلاً رأيهم بالنزاع الأوكراني وكيفية معالجته. واعتبر نائب في "التجمع الوطني" أن "هدف قوة توازن مثل فرنسا عادةً هو السلام: يجب عدم التضحية بأوكرانيا، ولكنها لا تستطيع أن تقرر كل شيء". ورأى أنه "إذا انتصرت أوكرانيا، فهذا يعني أن الناتو دخل الحرب، أي باتت حرباً عالمية".

إلى ذلك دعت مارين لوبن الجمعة في رسالة على تويتر فرنسا إلى أخذ زمام "مبادرة مؤتمر حول السلام" للتوصل إلى "مخرج سلمي وسريع للنزاع"، مدافعة دائماً عن فكرة اتخاذ باريس "موقفاً مستقلاً".

وانتقدت "عدم تحلي بعض قادتنا بالصبر" و"الترويج للحرب بطريقة غير مسؤولة" و"تعريض أوروبا والعالم لخطر الاشتعال".

لكن بشكل عام يسعى الحزب إلى أن يكون أكثر تحفظاً بشأن النزاع. وقال رئيس كتلة "التجمع الوطني" في الجمعية الوطنية رينو لاباي، والمقرب من مارين لوبن "الناس يشعرون بالملل ...".

تدارك المستقبل

إلى ذلك رأى أعضاء "التجمع الوطني" أن رهانهم قبل عام على معارضة الرأي العام للمساعدات الفرنسية لأوكرانيا، فشل.

ووفقًا لاستطلاع للرأي أجراه معهد "إيبسوس" ونشر الثلاثاء، فإن 56 بالمئة من الفرنسيين "يؤيدون استمرار دعم فرنسا لأوكرانيا إلى حين انسحاب جميع القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية"، بينما يعارض 23 بالمئة ذلك.

وتنخفض نسبة مؤيدي استمرار الدعم الفرنسي لأوكرانيا في صفوف أنصار "التجمع الوطني" إلى 42 بالمئة، ولكن تبقى أعلى من المعارضين البالغة نسبتهم 39 بالمئة.

ويسعى حزب "التجمع الوطني" عبر تغيير مواقفه إلى تدارك المستقبل، إذ قال جوردان بارديلا الأربعاء "سيظل زيلينسكي محاوراً لفرنسا في السنوات المقبلة".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار