فى أكتوبر ١٩٦٠ وقف الزعيم السوفييتى نيكيتا خروتشوف يخطب فى مقر منظمة الأمم المتحدة فى نيويورك، ولكنه فاجأ الحاضرين بأن خلع حذاءه وراح يضرب به على المنصة أمامه!.
كانت الواقعة من النوادر التى لم تحدث من قبل ولم تحدث من بعد.. وكان خروتشوف يرفع حذاءه اعتراضًا على كلام رئيس وفد الفلبين، الذى وصف سياسة الاتحاد السوفييتى فى شرق أوروبا بأنها سياسة استعمارية. وكان منظر خروتشوف وهو يلّوح بحذائه من المناظر التى عاشت المنظمة الدولية تذكرها وتتذكرها مع بدء كل دورة انعقاد جديدة لها!.
ولم يكن الزعيم السوفييتى السابق يتوقع أن يدور الزمان دورته، وأن يكون أكتوبر ٢٠٢٢ شاهدًا على ضربة دبلوماسية موجعة لموسكو التى ورثت المجد السوفييتى القديم، ولا كان يتوقع أن يكون ذلك فى القاعة نفسها التى شهدت واقعة الحذاء!.. والقصة أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتمعت، قبل يومين، للنظر فى قرار الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ضم ٤ مناطق من أوكرانيا إلى بلاده، فصدر قرار وافقت عليه ١٤٣ دولة من أعضاء الجمعية بالإدانة الكاملة لقرار ضم المناطق الأربع!.
وإذا كان مجمل أعضاء الجمعية العامة ١٩٣ عضوًا، فمعنى التصويت على قرار الضم أن ثلاثة أرباع العالم وقفت وتقف ضد الحرب الروسية على أوكرانيا، وأن الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال قادرة على حشد العالم بربطة المعلم فى مواجهة روسيا!.
ورغم أن بوتين استدعى قادة المناطق الأربع، ورغم أنه التقط معهم الصور وهو يتوسطهم بعد توقيعه القرار، ورغم أن مجلس الدوما الروسى وافق على القرار واعتمده، فإن الروس لم يهنأوا بالموضوع لأن قرار الإدانة لم يصدر بموافقة دولة، ولا دولتين، ولا عشر دول، ولكن بموافقة ثلاثة أرباع الأعضاء!.
وهكذا.. لا يكاد الرئيس الروسى يفيق من هزيمة عسكرية لجيشه فى ميدان القتال، حتى يجد نفسه على موعد مع هزيمة دبلوماسية ضخمة فى الأمم المتحدة!. تشعر وأنت تتابع هذا كله أن العالم قد خلا من الساسة العقلاء، وأنه فى انتظار سياسى رشيد يوقف الحرب ويحفظ ماء وجه بوتين فى ذات الوقت!.