بيغتان (الصين): أطلق الجيش الصيني الخميس صواريخ رجّحت وزارة الدفاع اليابانية أن تكون قد حلّقت فوق تايوان وسقطت للمرة الأولى في المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان، وذلك في اليوم الأول من مناورات عسكرية بدأتها بكين ردا على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي للجزيرة.
ودعا وزير الخارجية الياباني يوشيماسا هاياشي الخميس الصين إلى "وقف فوري" لمناوراتها التي تجريها في محيط تايوان.
وقال الوزير الياباني خلال مشاركته في اجتماع لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) في بنوم بنه إن "أفعال الصين هذه المرة لديها تأثير خطير على السلام المنطقة والمجتمع الدولي واستقرارهما. أطالب مرة جديدة بوقف هذه التدريبات العسكرية على الفور".
من جهتهم حذّر وزراء خارجية دول مجموعة آسيان العشر من "أي عمل استفزازي".
وجاء في بيان مشترك أن الأوضاع يمكن أن تتدهور وأن تؤدي إلى "مواجهة خطيرة ونزاعات مفتوحة بين القوى الرئيسية وإلى عواقب غير متوقّعة".
وعلى الرغم من التحذيرات الحازمة من جانب بكين التي تعتبر تايوان جزءًا من أراضيها، زارت رئيسة مجلس النواب الأميركي التي تنتقد الصين بشدة، الجزيرة الثلاثاء والأربعاء وبدأت الخميس زيارة إلى اليابان، المحطة الأخيرة في جولتها الآسيوية.
وتعتبر بكين مبادرة بيلوسي، أعلى مسؤول أميركي منتخب يزور تايبيه منذ 25 عامًا، استفزازًا ونكوصًا عن الوعود التي قطعتها الولايات المتحدة للصين.
ردًا على ذلك، أطلق الجيش الصيني صواريخ حلّقت في أجواء تايوان وسقطت للمرة الأولى في المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان، في إطار تدريبات عسكرية في ست مناطق بحرية حول تايوان على طول طرق التجارة المزدحمة ولا تبعد في بعض أجزائها أكثر من عشرين كيلومترا عن شواطئ تايوان.
والخميس، رجّحت وزارة الدفاع اليابانية أن تكون أربعة من الصواريخ البالستية الصينية الخمسة قد حلّقت "فوق جزيرة تايوان".
ووصف وزير الدفاع الياباني نوبوو كيشي الواقعة بأنها "مشكلة خطيرة تؤثر على أمننا القومي وسلامة مواطنينا"، ولفت إلى أن بلاده "تقدّمت باحتجاج إلى الصين عبر قنوات دبلوماسية".
من جهته، شدّد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على أن واشنطن تواصلت مع بكين "على كل مستويات الحكومية" في الأيام الأخيرة من أجل الدعوة إلى التحلي بالهدوء.
وقال وزير الخارجية الأميركي لنظرائه في قمة آسيان "آمل حقا ألا تتسبب بكين بأزمة وألا تبحث عن ذريعة لزيادة عملياتها العسكرية العدائية".
من جهته، اتّهم وزير الخارجية الصيني وانغ يي المشارك أيضا في القمة، واشنطن بالتسبب بالأزمة محمّلا إياها مسؤولية "استفزاز صارخ" شكّل "سابقة مشينة".
وعلى هامش القمة تساءل الوزير الصيني "هل سيبقى مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية قائما إذا لم يتّخذ أي تدبير لتصحيح الوضع؟"، مضيفا "هل لا يزال من الممكن احترام القانون الدولي؟ كيف يمكن حفظ السلام في المنطقة؟".
وأعلنت وزارة الدفاع التايوانية خلال إحاطة خصصت للمناورات العسكرية الصينية توغل 22 طائرة مقاتلة صينية لفترة وجيزة الخميس في منطقة الدفاع الجوي التايوانية.
وأوضحت وزارة الدفاع على موقعها الإلكتروني أن أنظمة الدفاع الجوي تعقبت الطائرات الصينية فيما تم بث إنذارات عبر اللاسلكي.
وقال شي يي أحد المتحدثين باسم الجيش الصيني بعد ظهر الخميس إن المناورات التي بدأت ظهر الخميس (04,00 ت غ) ، تضمنت "إطلاق صواريخ تقليدية" على المياه قبالة الساحل الشرقي لتايوان.
وأكد في بيان أن "كل الصواريخ أصابت هدفها بدقة واختبرت الضربة الدقيقة وقدرات منع الوصول" إلى المنطقة.
ودانت وزارة الدفاع التايوانية "الأعمال غير العقلانية التي تقوض السلام الإقليمي" ، وأكدت أن الجيش الصيني أطلق "11" صاروخا بالستيا من نوع دونغفينغ بين الساعة 13,56 و16,00 في المياه في شمال وجنوب وشرق تايوان.
على جزيرة بينغتان الصينية الواقعة قرب مكان المناورات رصد مراسلو وكالة فرانس برس بعد ظهر الخميس عدة مقذوفات صغيرة تطلق من قرب منشآت عسكرية وتحلق في السماء مخلفة دخانا أبيض ودوي انفجارات.
وفي هذا المكان الأقرب إلى تايوان في الصين، رصد الصحافيون أيضًا خمس مروحيات تحلق على ارتفاع منخفض بالقرب من منطقة سياحية على شاطئ البحر. ومن المقرر أن تنتهي التدريبات العسكرية الصينية ظهر الأحد.
وذكرت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية نقلا عن محللين عسكريين أن التدريبات ستجري على نطاق "غير مسبوق".
وقال مصدر عسكري صيني طلب عدم كشف هويته لوكالة فرانس برس "اذا اصطدمت القوات التايوانية عمدا (بالجيش الصيني) وأطلقت رصاصة عرضا، سيرد (الجيش الصيني) بقوة وسيكون على الجانب التايواني تحمل كل العواقب".
وتؤكد بكين أن هذه التدريبات هي "إجراء ضروري وشرعي" بعد زيارة بيلوسي.
وقالت هوا تشون ينغ المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية للصحافيين إن "تدابيرنا المضادة مبرّرة إزاء استفزازات كيدية تنتهك بشكل صارخ سيادة الصين ووحدة أراضيها".
وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الرسمية أن التدريبات تهدف إلى محاكاة "حصار" للجزيرة وتشمل "مهاجمة أهداف في البحر وضرب أهداف على الأرض والسيطرة على المجال الجوي".
تبقى فرضية غزو تايوان التي تضم 23 مليون نسمة غير مرجحة، لكنها تعززت منذ انتخاب الرئيسة الحالية تساي إنغ وين في 2016.
فخلافا للحكومات السابقة، ترفض تساي الاعتراف بأن الجزيرة والبر الرئيسي هما جزء من "صين واحدة".
زادت زيارات المسؤولين والبرلمانيين الأجانب في السنوات الأخيرة إلى الجزيرة، ما أثار غضب بكين.
مع ذلك، أكد خبراء لوكالة فرانس برس أن الصين لا ترغب في تدهور الوضع الحالي.
وصرح تشونغ جا ايان الخبير الامني في جامعة سنغافورة الوطنية لوكالة فرانس برس "انهم يلتزمون الحذر ولا يريدون أي تصعيد خارج عن السيطرة".
قال تيتوس تشين أستاذ العلوم السياسية في جامعة ناشيونال صن يات سين في تايوان إن "حربا عرضية" تندلع نتيجة حادث "هي آخر شيء يريده شي جينبينغ" قبل مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني. وتشير أماندا هسياو محللة الشؤون الصينية في مركز أبحاث مجموعة الأزمات الدولية، إلى أن هذه التدريبات "تمثل تصعيدًا واضحا بالمقارنة مع الأنشطة العسكرية الصينية حول تايوان والأزمة السابقة في مضيق تايوان في 1995-1996".