إيلاف من دبي: اليوم الجمعة 13 مايو 2022، انتقل إلى جوار ربه الشيخ خليفة بن زايد بن سلطان آل نهيان، ثاني رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة، والحاكم السادس عشر لإمارة أبوظبي، والقائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، بعد 18 عامًا في سدة الرئاسة، حين خلف في 3 نوفمبر 2004 الده الشيخ زايد بن سلطان، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة.
ولد الشيخ خليفة في قلعة المويجعي في مدينة العين، وكان الأكبر بين الأبناء الذكور للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وعاش مع عائلته في العين حيث تلقى تعليمه المدرسي في المدرسة النهيانية التي أنشأها والده. وقضى معظم طفولته في واحات العين والبريمي بصحبة والده، حاكم العين آنذاك.
حرص والده الشيخ زايد على اصطحابه في زياراته اليومية، فلازم والده في تحسين حياة القبائل وإقامة سلطة الدولة، وكان لهذا الأثر الكبير في تعليمه القيم الأساسية لتحمل المسؤولية والثقة والعدالة. فكان أول منصب رسمي شغله عندما كان ولي عهد إمارة أبوظبي هو ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية ورئيس المحاكم فيها.
خلال وجوده بمدينة العين أُتيحت له فرصة واسعة للاحتكاك اليومي بالمواطنين، والاطّلاع على أحوالهم، والتعرف على تطلعاتهم وآمالهم. وفي 2 نوفمبر 2004، توفي الشيخ زايد بن سلطان، أول رئيس للدولة بعد قيام الاتحاد في عام 1971. وبصفته وليًا لعهد إمارة أبوظبي، أصبح الشيخ خليفة حاكم الإمارة. وفي 3 نوفمبر، انتخبه المجلس الأعلى للاتحاد رئيساً للدولة.
تطوير وتحديث مستمران
منذ توليه الإمارة والرئاسة، تابع الشيخ خليفة بن زايد مشروعات التطوير والتحديث في الإمارة، وتولّى الإشراف على ما عُرف بمفاوضات المشاركة النفطية التي أعادت صياغة السياسة النفطية ووضعت الأسس لعلاقة أكثر عدلاً وإنصافاً مع الشركات النفطية العاملة. وتولى رئاسة المجلس الأعلى للبترول، المنصب الذي كان يشغله حتى وفاته اليوم.
كما أسس الشيخ خليفة بن زايد وترأس جهاز أبوظبي للاستثمار الذي يشرف على إدارة الاستثمارات المالية للإمارة ضمن رؤية إستراتيجية لتنمية الموارد المالية وللمحافظة على مصادر دخل مستقرة للأجيال المقبلة؛ وأسس كذلك دائرة الخدمات الاجتماعية والمباني التجارية التي عرفت بلجنة الشيخ خليفة، وقدمت تمويلات سخية للمواطنين من دون فوائد لإنشاء مبانٍ تجارية تدرّ عليهم عوائد مالية دورية.
اهتم الشيخ خليفة بمشاريع تطوير وتحديث البنية التحتية ومرافق الخدمات المختلفة، وعمل على بناء جهاز إداري حديث، ومنظومة تشريعية متكاملة، باعتبار أن ذلك أساس لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وأطلق مبادرة لتطوير تجربة السلطة التشريعية لتعديل أسلوب اختيار أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، بحيث يتم الجمع بين الانتخاب والتعيين كخطوة أولى، تتيح في نهاية المطاف اختيار أعضاء المجلس عبر انتخابات مباشرة.
يوم عمل صارم
يعرف عن الشيخ خليفة الدقة في المواعيد، والتزام برنامج عمل يومي صارم يوزعه بين المهام الرسمية العديدة التي يتولاّها وبين اللقاءات مع المواطنين، كما يعرف عنه بأنه مستمع جيد، يمتاز بالدماثة والتواضع في تعامله مع الآخرين مما أكسبه محبة المواطنين واحترامهم، وهو هادئ الطباع وقارئ للتاريخ محب للشعر والأدب.
حرص الراحل على أن تكون الإمارات عنواناً عريضاً في مد يد العون والمساعدة والمساندة لكل محتاج من دون تمييز في العرق أو اللون أو الدّين أو الجنس. أسس مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، وهي التي ساهمت في المساعي الإنسانية في أكثر من 40 بلداً حول العالم.
اعتبرته صحيفة "تايمز" بين القادة الخمسة والعشرين الأشد تأثيراً في العالم، ويصنف رابع أغنى ملك في العالم.
سار الشيخ خليفة على نهج والده في ما يتعلق بتمكين المرأة، وسخرت الدولة في عهده كل الإمكانيات لتعليمها وصحتها وتطويرها وتقلدها أعلى المناصب. في زمنه، تولت المرأة الحقائب وزارية وجلست على المقعد البرلماني وأدارت مؤسسات محلية واتحادية ومثلت الدولة في المحافل الدولية وشاركت في الخدمة الوطنية والقوات المسلحة وصعدت إلى الفضاء. فتربعت الإمارات في عهده على قائمة أفضل الدول على مستوى الخليج والشرق الأوسط في مؤشر مقياس تمكين المرأة لعام 2009 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ضمن تقرير التنمية البشرية العالمي.