مراكش: دعا رؤساء الدول والوفود المجتمعون بمراكش، في قمة المناخ، إلى "التزام سياسي على أعلى مستوى لمواجهة التغيّر المناخي، باعتباره أولوية مستعجلة".
كما دعوا، في "إعلان مراكش للعمل من أجل المناخ والتنمية المستدامة"، الذي توج أشغال مؤتمر (كوب 22)، الذي تواصلت فعالياته منذ السابع من الشهر الجاري، إلى "المزيد من العمل المناخي والدعم، قبل حلول 2020، مع الأخذ في الاعتبار الاحتياجات والظروف الخاصة للدول النامية، والدول الأقل نمواً خاصة تلك الأكثر عرضة للآثار الكارثية للتغيّر المناخي".
مرحلة جديدة
عبر رؤساء الدول والوفود المجتمعون، فوق الأرض الأفريقية، خلال الدورة 22 لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، والدورة 12 لمؤتمر الأطراف العامل بوصفه اجتماع الأطراف في بروتوكول كيوتو، والدورة الأولى لمؤتمر الأطراف العامل بوصفه اجتماع الأطراف في "اتفاق باريس"، بدعوة كريمة من العاهل المغربي الملك محمد السادس، عن "نقلة نحو مرحلة جديدة من التنفيذ والعمل من أجل المناخ والتنمية المستدامة"، مشيرين إلى أن "درجة حرارة المناخ آخذة في الارتفاع بوتيرة مقلقة وغير مسبوقة ويتعين علينا اتخاذ تدابير آنية لمواجهتها".
قادة ورؤساء الحكومات والوفود في (مؤتمر 22) |
كما رحبوا بـ"اتفاق باريس"، الذي تم تبنيه في إطار الاتفاقية، وبدخوله حيز التنفيذ في ظرف وجيز، وبأهدافه الطموحة وبشموليته، بالإضافة إلى أخذه العدالة في الاعتبار، بتكريسه مبدأ المسؤولية المشتركة بين الدول، وإن كانت متفاوتة وبقدرات متباينة، بالنظر إلى وجود ظروف وطنية مختلفة، كما نعبر "عن عزمنا على التنزيل الكامل لهذا الاتفاق".
زخم عالمي
أشار رؤساء الدول والوفود إلى أن الزخم العالمي منقطع النظير، الذي ميز هذه السنة، تجاه التغير المناخي، في العديد من المنتديات متعددة الأطراف، "لا رجعة فيه، حيث لم تساهم فيه الحكومات فقط، بل ساهم فيه كذاك العلم والأعمال والعمل العالمي في مختلف الأصعدة".
وأضاف رؤساء الدول والوفود: "إن مهمتنا، الآن، تتمثل في اغتنام هذا الزخم بشكل جماعي للمضي قدمًا نحو خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وتعزيز جهود التكيف، لذلك، ينبغي الاستفادة ودعم خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وأهداف التنمية المستدامة".
تضامن أكبر
كما دعا رؤساء الدول والوفود إلى "تضامن أكبر مع الدول الأكثر عرضة لآثار التغير المناخي"، وشددوا على "ضرورة دعم الجهود الرامية إلى تعزيز قدراتها على التكيف وتعزيز قدراتها على الصمود وخفض هشاشتها". كما دعوا جميع الأطراف إلى "تعزيز جهود القضاء على الفقر وضمان الأمن الغذائي واتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة التحديات التي يطرحها التغير المناخي على الفلاحة"؛ مع "العمل المستعجل ورفع الطموحات وتعزيز التعاون بيننا من أجل ردم الهوة بين مسارات الانبعاثات الحالية والطريق الضروري لتحقيق الأهداف المناخية الطويلة الأمد لـ"اتفاق باريس".
صلاح الدين مزوار رئيس (كوب 22) |
كما دعا رؤساء الدول والوفود إلى "الرفع من حجم وتدفق وولوج التمويل الخاص بالمشاريع المناخية، بالإضافة إلى تعزيز القدرات والتكنولوجيا بما في ذلك نقلها من الدول المتقدمة إلى الدول النامية".
تعبئة آنية
بينما جددت الدول المتقدمة الأطراف، التأكيد على "هدف تعبئة 100 مليار دولار"، وشجعت الأطراف في بروتوكول كيوتو، "التصديق على اتفاق الدوحة"؛ فقد تمت دعوة جميع الفاعلين غير الدوليين إلى الانضمام "من أجل عمل وتعبئة آنية وطموحة، والاستفادة من المنجزات المهمة، بما في ذلك العديد من المبادرات.
وأبرز رؤساء الدول والوفود أن "التحول المطلوب في اقتصاداتنا من أجل تحقيق أهداف "اتفاق باريس" يعطي فرصة إيجابية جدا لتعزيز الرفاهية والتنمية المستدامة"، مبرزين أن مؤتمر مراكش يشكل "نقطة تحول مهمة في التزامنا لتوحيد المجتمع الدولي لمواجهة أكبر تحديات عصرنا". كما شددوا على أنه "بينما نتجه نحو التنفيذ، نجدد التأكيد على عزمنا على الرفع من التضامن، والأمل والفرص من أجل الأجيال الحالية واللاحقة".
نجاح باهر
على صعيد آخر، سجل بيان للديوان الملكي، صدر، اليوم، الخميس، أن المؤتمر الثاني والعشرين للأطراف في الإتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية (كوب22)، الذي احتضنته مراكش، عرف "نجاحاً باهراً يشرف المغرب ويعزز الثقة والمصداقية اللتين يحظى بهما على الصعيد الدولي".
وأكد البيان أن المملكة أبانت عن "قدرتها على حسن تنظيم هذه التظاهرة العالمية الكبرى، التي شهدت استضافة وحضور عدة رؤساء دول وحكومات وشخصيات، خاصة من رجال السياسة والإعلام، ومن هيآت المجتمع المدني".
وأشار البيان إلى أن أنظار العالم قد كانت موجهة نحو مراكش، و"استطاع المغرب رفع هذا التحدي"، خاصة وأن "الأمر يتعلق بحدث غير مسبوق، ببلادنا، لأنه يهم مستقبل البشرية، ومن حيث عدد ونوعية المشاركين فيه، أو من حيث النتائج الموفقة التي صدرت عنه".
باتريسيا اسبينوزا الأمينة التنفيذية للاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية، خلال افتتاح (كوب 22) بمراكش |
وبهذه المناسبة، عبر العاهل المغربي الملك محمد السادس عن "شكره وتقديره السامي للجهود الخيرة التي بذلتها اللجنة المنظمة ولجنة القيادة، ومختلف السلطات المحلية والترابية، والأمن الوطني، والقوات العسكرية والمساعدة، وفعاليات القطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني وسكان مدينة مراكش، عمومًا". كما أشاد بـ"روح المسؤولية والالتزام والتعبئة القوية، والانخراط الإيجابي، التي أبان عنها مختلف الفاعلين المعنيين، من أجل إنجاح هذه القمة العالمية".
كما جاء في البيان أن "ما يبعث على الاعتزاز، أن التدابير التي تم اتخاذها والتنظيم المحكم لهذا المؤتمر الدولي الكبير، لم يؤثر على السير الطبيعي للحياة اليومية للمراكشيات والمراكشيين، بل على العكس من ذلك، فقد أبانوا على انفتاحهم ومشاركتهم كذلك بطريقتهم في هذا الحدث غير المسبوق. كما لم يؤثر أيضًا على راحة السياح ضيوف المدينة الحمراء، التي حافظت على هدوئها وانسيابية الحركة بها، في ظل الامن والاطمئنان وطيب المقام".
الجائزة الدولية للمناخ والبيئة
أعلن صلاح الدين مزوار رئيس مؤتمر (كوب 22)، اليوم، الخميس، بمراكش، أن العاهل المغربي الملك محمد السادس "تفضل بإطلاق "الجائزة الدولية للمناخ والبيئة"، والتي تبلغ قيمتها مليون دولار".
وجاء الإعلان عن هذه المبادرة، خلال افتتاح الحدث رفيع المستوى حول الأجندة الشاملة للعمل من أجل المناخ، والتي حضرها على الخصوص، بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة.
وقال مزوار، في كلمة بالمناسبة، إن العاهل المغربي "تفضل بإطلاق "الجائزة الدولية للمناخ والبيئة"، من أجل مكافأة مبادرة محددة مبتكرة ولها وقع تغييري قوي؛ حيث ستمنح خلال انعقاد كل مؤتمر للأطراف بشأن التغير المناخي". وتابع، قائلاً إن هذه الجائزة "تأتي لدعم الدينامية التي تعرفها الجهود الرامية لمواجهة التغيرات المناخية ومساندة الابتكار في مجال مواجهة هذه الآفة الكونية".