إيلاف من الرباط: وضع المغرب، أخيرا، ملف ترشيحه للقفطان لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)،بهدف إدراجه ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية برسم 2025.
مطبوع الترشيح المغربي للقفطان على موقع اليونسكو
ويحمل ملف الترشيح المغربي رقم 2077، وجاء تحت عنوان "القفطان المغربي: فن وعادات ومهارات". وهو يشمل، حسب الأشكال والأنواع التي عدّدها الملف، كما هو منشور في الموقع الرسمي لليونسكو: "قفطان طرز النطع"؛ و"التكشيطة"، و"المنصورية"، و"الكسوة الكبيرة"، و"القْميص"، و"الجابادور"، و"القندورة"، و"طرز المجبود"، و"الدفينة"، و"التخليلة"، و"الشدة الفاسية"، و"الشدة الشمالية"، و"الشدة الطنجاوية"، و"الشدة التطوانية"، و"الشدة الوجدية"، و"الشدة الرباطية"، و"الكسوة الوجدية"؛ و"البروكار الفاسي"، و"أسملال السوسي"، و"ميمونة"، و"جوهرة"، و"قفطان: طرز الغررزة"، و"طرز الحساب"، و"طرز المجبود"، و"طرز الفتلة"، و"طرز الزموري"، و"طرز الراندة"، و"طرز الخنجر"، و"زواق المعلم"، و"الشاوني"، و"المسلول"، و"الكروشي"، و"التنبات"، وغيرها.
ويتضمن الملف المغربي، كما هو ظاهر على موقع اليونسكو، مطبوع ترشيح القفطان، وتصريحات العاملين في المجال، وجردا لهذا الزي التقليدي، مع صور توثيقية معبرة عن طبيعتهومضمونه المجتمعي وتاريخ وعلاقة المغاربة به، على مر العصور،علاوة على أشرطة، بينها شريط تحت عنوان "القفطان المغربي، فن وتقاليد ومعارف".
وسبق للمغرب أن سجل 13 عنصرا تراثيا ثقافيا غير مادي ضمن القائمة التمثيلية لليونسكو، آخرها "فن الملحون"، في 2023، علما أن المسطرة داخل المنظمة الأممية تعطي الحق لكل دولة بأن تسجل عنصرا واحدا كل سنتين.
جدل
ويوجد القفطان في قلب جدل وتراشق مغربي جزائري، زاد منسوبه السنة الماضية حين سعت الجزائر لإدراجه كتراث جزائري ضمن قوائم اليونسكو، قبل أن ينجح المغرب في "إفشال هذا المحاولة الجديدة التي ترمي إلى السطو على التراث غير المادي المغربي"، حسب تعبير المسؤولين المغاربة. ويتعلق الأمر، حسب وزارة الثقافة المغربية، بـ"محاولة الجزائر إدخال صورة لقفطان "النطع" المغربي في ملف يهم زيا جزائريا، وهو ما دفع السفير المغربي لدى منظمة اليونسكو سمير الدهر إلى تقديم اعتراض على هذا الأمر"، قبل أن تعتمد اللجنة الحكومية لصون التراث غير المادي، لأول مرة في تاريخ اليونسكو، هذا الاعتراض المغربي، وتقرر سحب صورة القفطان المغربي من الملف الجزائري، عقب الاحتجاج الرسمي المغربي.
ملف ووثائق
يشمل ملف ترشيح القفطان المغربي، الذي يمكن الاطلاع عليه في موقع اليونسكو، مجموعة من المعطيات التي تعرف بهذا الزي التقليدي وعلاقته بالمغاربة وتاريخهم وحضارتهم، فضلا عن شهادات حرفيين ومصممين، تحدثوا عن علاقتهم به وامتهانهم لصناعته وحفاظهم عليه وتناقله، جيلا بعد جيل.
وبحسب ما جاء في وثائق الملف المغربي، فالأمر يتعلق بـ"لباس مغربي تقليدي تعود جذوره إلى تاريخ طويل من تقاليد اللباسالتي لم تتوقف عن التطور منذ العصور الوسطى إلى اليوم". كما أنه "يهم المجتمع المغربي بأكمله، في مختلف مناطق البلاد"، وهو "الزي الضروري للمناسبات التي تميز حياة المغربي"، كما أنه "عنصر مشترك له ميزات خاصة، تبعا للسياق الذي يتم إنتاجه فيه، فضلا عن وظيفته الاجتماعية".
وأشارت الملف إلى أن المغاربة يلبسون القفطان خلال احتفالاتهم، ومن ذلك الزفاف، وطقوس الانتقال إلى مرحلة البلوغ، والصوم الأول، و"التبوريدة" (الفروسية التقليدية)،والأعياد الدينية، والاحتفالات الرسمية، بشكل يلخص لشعور قوي بالهوية، وللكيفية التي يدبر بها المغاربة مهاراتهم في صناعة هذا الزي. وتبعا لكل ذلك، يرمز ارتداء هذا الزي التقليدي إلى لحظات السعادة الجماعية، عاكسا المكانة الاجتماعية لمرتديه، كما يعتبر مصدر دخل مالي للساكنة المحلية، المشاركة في صنعه أو الاستثمار في تسويقه.
عنوان للجمال والخبرة
يمثل القفطان عنوانا للجمال والخبرة المغربية في مجال الأزياء التقليدية، من منطلق أنه يعبر عن ثراء حضاري وإرث تاريخي، ويجر وراءه رصيداً من الفنون والألوان والتقاليد والمهارات التي تغني الثقافة الإنسانية بخبرات الإبداع المغربي الرائع. لذلك، يرى فيه المغاربة أحد العناصر المعبرة عن الغنى الحضاري والثقافي والتميز التاريخي للبلد، وهي أمور يختصرها في جمعه بين الأناقة والصنعة والنخوة والرقي.
عالمية القفطان
وفضلاً عن قيمته على المستويين الحضاري والتاريخي، صار للقفطان المغربي حضور كوني، بعد أن نال إعجاب المصممين العالميين بخصوصيته وتأثيره عليهم عبر السنوات، الشيء الذي حمله من البيوت والمناسبات المغربية الحميمية إلى العالمية على يد كبار المصممين، وجذب انتباه نساء من جنسيات أخرى، فيما صارت تقام له عروض بانتظام في عدد من المدن المغربية وفي كثير من عواصم الموضة عبر العالم.
ويرى المأخوذون بجمال وفرادة الأزياء التقليدية المغربية، في القفطان، عنواناً لشهرة وتميز الإبداع التقليدي المغربي على مستوى الأزياء، ويقولون إنه تحول إلى "أسطورة في عالم الأزياء"، من جهة أنه يُقدم للناظرين، في علاقته بالنساء على الخصوص، "لوحة تجمع بين الثقافة الأصيلة التي لا تتخلص من الماضي كلياً، ولا تُهمل مسايرة العصر، محافظة بذلك على أناقة المرأة المغربية وحشمتها"، على رأي المصممة المغربية سميرة حدوشي، التي ترى أن الأمر يتعلق، باختصار، بثوب كالأحلام "يمنح الأنثى شخصية أقرب إلى الملكات في ثيابهن الأسطورية".
ولا تقف روعة وفرادة القفطان المغربي عند حدود الجمال الذي يفتن العين ويضفي على المرأة أناقة خلابة، طالما أنه "يفيض أنوثة ورقة وحشمة ووقاراً، ونطل عبره على تاريخ مغربي وحضارة حافلة بغناها وتألقها"، إذ يربط العارفون بتفاصيل الموضة تميز هذا الزي بـ "نوعية الأقمشة الفاخرة التي تُستخدم في صناعته، وألوانه الجريئة والمتناغمة، إضافة إلى التطريز بشكل كثيف أحياناً، والتصميم الذي يراعي عنصر الاحتشام، من دون أن يؤثر في الجمال العام للزي، بل ويضفي عليه، في كثير من الأحيان، نوعاً من الغموض والتألق".