عبدالعزيز سلطان المعمري
فضيحتان وغباء سياسي، أقل وصف يمكن أن يصف الشخص به شحنة الأسلحة التابعة للجيش السوداني التي تم إحباطها في أحد مطارات دولة الإمارات العربية المتحدة من قبل الأجهزة الأمنية مؤخراً، وتناقلتها بشكل واسع وكالات أنباء العالم، في إشارة إلى حالة الاستغراب أن الجيش وهو مؤسسة حكومية رسمية يتبع أساليب العصابات الدولية لنقل الأسلحة، ما يذكّرنا بفضيحة «ووترجيت».
فأما الفضيحة الأولى: إن المتورطين فيها هم قادة ومسؤولون في الجيش السوداني والأجهزة الأمنية ولهم علاقة مباشرة برئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان.
وهذا الأمر لا يمكن وصفه إلا بالفضيحة السياسية، لسبب بسيط وهو أنه لا يوجد منطق أو مبرر يغفر لمسؤولين حكوميين بهذا المستوى والمكانة أن يمارسوا أو يقوموا بتهريب كميات من الأسلحة عبر الحدود «الجملة التقليدية» لأصحاب الفكر الإخواني العابر للحدود، وكأن الأمر يؤكّد المنطلقات السياسية والتخريبية لهم.
وإذا ما بحثنا عن الفضيحة الثانية، فهي بلا شك قرين الجرم الوطني، وهي أن مؤسسة عسكرية في دولة تهرب أسلحة من أجل استخدامها في قتل شعبها، وهو ما لا يمكن قبوله إنسانياً أو أخلاقياً ولا يقبله القانون الدولي، بقدر ما أنه يؤكد حقيقة وصحة التقارير الدولية التي تثبت بأن الجيش السوداني يبذل جهداً في إخفاء الحقيقة والتملص من مسؤولياته الوطنية بشأن الحفاظ على سيادة وأمن السودان وشعبه.
لو انتقلنا إلى الغباء السياسي والقرار الساذج بأن تمر الطائرة الأجواء الإماراتية، هو أن يتم الادعاء بأن الشحنة هي عبارة عن مواد غذائية وربما طبية، وكأن من في المطارات ليس لديهم القدرة على «الشك» فيما تحمله الطائرة من مواد.
ويزداد الغباء أن تهبط الطائرة في مطارات دولة الإمارات، ولكن في العرف الإجرامي المجرم يحوم دائماً حول جريمته بطريقة يكشف نفسه بنفسه، وربما هذا الذي فعله الجيش السوداني.
ينبغي علينا أن نؤكد على شيئين ونحن نتناول هذه القضية التي يصر الجيش السوداني على خلق من الإمارات عدواً له، وهي متانة العلاقة التاريخية التي تربط بين دولة الإمارات وجمهورية السودان الشقيقة وشعبها.
والتي لا تعكسها المزاعم والأكاذيب المفضوحة التي يروجها الجيش السوداني المخترق من تنظيم جماعة الإخوان ضد دولة الإمارات في المحافل الدولية وفي وسائل الإعلام.
في الجانب الآخر، من الملفت لدى المراقبين والمتابعين هدوء وحكمة الدبلوماسية الإماراتية في تعاملها مع استفزازات الجيش السوداني، واستمرارها في تأكيد مواقفها السلمية في إنهاء الصراع العسكري في السودان.
وكذلك حرصها على استمرار تقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوداني الشقيق أينما تواجد، كل ذلك يقول: إن دولة الإمارات والسودان ترتبطان بعلاقات تاريخية وثيقة لن يتمكن الجيش أو أي حزب أو جماعة من زعزعتها.