: آخر تحديث

دمار غزة المحزن جريمة نكراء

3
2
2

توقفت المعارك في غزة وانكشف وجه ما بعد الحرب، ذلك الوجه القبيح المرعب، وظهرت أشلاء غزة الإنسانية والإسمنتية الممزقة.

كانت غزة، إنسانًا ومكانًا، ضحية بين طرفين متقاتلين، حيث حوّلت حماس منازل أهل غزة إلى خنادق لها، وما تحتهم أنفاق وملاجئ خاصة بها، ورأت إسرائيل هذه المنازل أهدافًا مشروعة للاستهداف، وتعدّى ذلك إلى المستشفيات والبنى التحتية.

كانت حماس تقاتل بالوكالة عن إيران وميليشياتها، وعن الإخوان وهرطقتهم الإعلامية الممولة من أطراف عدة، كل طرف له مصلحة معينة، وبهذا أصبحت غزة ميدان رماية مفتوحًا.

فاقتُلعت غزة من قواعدها ودُمِّرت تدميرًا ممنهجًا، شبرًا شبرًا وحجرًا حجرًا، وتدمير غزة جريمة نكراء، ومرتكبوها معروفون، ومن الواجب محاكمة كل من اشترك في ذلك من كافة الأطراف.

أعطت حماس الإخوانية - الإيرانية الذريعة لإسرائيل لقلب غزة رأسًا على عقب، واجتثاثها من القواعد، ورمي أهلها إلى العراء والتشرد، وصولًا إلى التهجير القسري.

ما حدث جريمة نكراء وقعت على مرأى ومسمع العالم كله، وحظيت بتغطية إعلامية مباشرة، فلماذا تم تدمير غزة؟ ولصالح من؟

كان الهدف من تحريك حماس من قبل إيران هو وقف عملية السلام وحل الدولتين، مما منح إسرائيل فرصة ذهبية للتخلص من سكان غزة وتهجيرهم.

وظهرت مشكلة كبيرة تنبأ بها الجميع في الأيام الأولى من الحرب، وهي عملية تهجير سكان غزة. فبعد توقف المعارك، برز ملف التهجير، الذي لا يقل عن تدمير غزة كارثيةً ومأساويةً، وهو أحد الأهداف التي كانت إيران تبحث عنها لزعزعة استقرار الدول المجاورة، وخصوصًا مصر والأردن، ولتعكير علاقتهما مع أميركا وإسرائيل، كما يحدث الآن، ولإفشال معاهدات السلام القديمة، وإدخال المنطقة في موجة جديدة من الاضطراب.

خُدعت حماس ودُفعت إلى حرب لاقتلاعها واقتلاع غزة، وكانت حماس قد وصلت إلى درجة متقدمة من الجاهزية والتدريب والصناعة العسكرية، وخصوصًا الصواريخ وتقنية بناء الأنفاق.

إقرأ أيضاً: البعث العربي الاشتراكي: نهاية مأساوية

ومع توفر الوسائل والإمكانات العسكرية نوعًا ما لدى حماس، فإنها افتقدت لأهم المفاهيم والمهارات السياسية، وخصوصًا العناصر القيادية المؤثرة داخل وخارج غزة. ومن أهم هذه المفاهيم، مفهوم البقاء الوجودي بمعناه الشمولي والخاص، وأنواعه كالبقاء السياسي والاقتصادي والعسكري، إضافة إلى الافتقاد لسياسة النفس الطويل والمراوغة السياسية.

ويتبادل إلى الذهن سؤال واحد فقط: هل من الممكن إعادة إعمار غزة؟ وفي حالة عدم إمكانية ذلك، فهل سيعيش أهلها بين الأنقاض والركام؟ وهل أصبح التهجير حتميًا، وهو ملف جديد وُضع على طاولة الشرق الأوسط؟

إقرأ أيضاً: غزة... الموت السريري والإنعاش

ومن أسوأ مشاهد الختام، تظاهر حماس والإخوان بالانتصار، ورفع أعلام وصور من خدعوهم بالمقاومة، وأنهم الحلفاء الموثوقون. والأشد مرارة من ذلك هو التنصل الإيراني، واتهام حماس بتدمير علاقاتها الدولية ومخططاتها ومشاريعها السيادية، والادعاء بأن إيران لم تكن تعلم بهجوم 7 تشرين الأول (أكتوبر)، وأن حماس أفسدت عليها مفاوضات الملف النووي مع أميركا.

وبعد كل هذه العنتريات والانتصارات الوهمية، خرجت حماس لتقول إن غزة تمر بكارثة إنسانية غير مسبوقة في التاريخ البشري، مع أنها هي التي هددت بإحراق الأخضر واليابس!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف