كثفت القوات الأردنية عملياتها العسكرية على طول الحدود الشمالية مع سوريا، مستهدفة شبكات تهريب المخدرات المرتبطة بالميليشيات المدعومة من إيران، بما في ذلك حزب الله. ويأتي هذا النهج الأكثر عدوانية في أعقاب سلسلة من المواجهات العنيفة مع مجموعات مسلحة تحاول التسلل إلى الأراضي الأردنية.
وفقًا لتقرير نشرته قناة العربية، في 12 كانون الثاني (يناير) 2025، اندلعت مواجهات عنيفة بين حرس الحدود الأردني ومهربين مسلحين حاولوا العبور إلى الأردن من سوريا. وأكد الجيش الأردني أن هذه المجموعات تنتمي إلى شبكات منظمة يدعمها النظام الإيراني، حيث يشكل تهريب المخدرات والأسلحة عنصراً رئيسياً في استراتيجياتها لزعزعة استقرار المنطقة. وأوضح مسؤولون عسكريون أن عمليات التهريب تُدار من قبل ميليشيات تعمل تحت النفوذ الإيراني لتمويل أنشطتها.
يشير هذا التصعيد إلى تحول استراتيجي في نهج الأردن تجاه التعامل مع التهديدات عبر الحدود، حيث قررت السلطات الأردنية تعزيز استخدام القوة العسكرية بدلاً من الاعتماد على الوسائل الدبلوماسية فقط. وأكدت القوات الأردنية أنها شنت غارات جوية على مواقع إنتاج المخدرات في جنوب سوريا، مما يعكس تصميماً أكبر على مواجهة التهديدات بشكل مباشر. وأوضحت الحكومة الأردنية أن هذه العمليات جزء من حرب شاملة ضد المخدرات، مشددةً على أهمية تأمين الحدود الشمالية لمواجهة المخاطر الأمنية التي تسببها شبكات التهريب. تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف متزايدة من الانتشار السريع لمخدر الكبتاغون، وهو نوع من الأمفيتامينات شديدة الإدمان التي أصبحت مصدر دخل رئيسي لنقابات الجريمة والميليشيات المسلحة.
تشير تقارير من وكالات مثل رويترز إلى أن شبكات التهريب الناشطة في جنوب سوريا لها صلات قوية بالميليشيات المدعومة من إيران، بما في ذلك حزب الله. وتم ربط هذه الشبكات بالفرقة الرابعة التابعة للجيش السوري، التي كانت تُدار سابقاً من قبل ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري السابق بشار الأسد. لعبت هذه الفرقة دوراً بارزاً في تسهيل عمليات إنتاج المخدرات وتهريبها قبل انهيار النظام السوري.
ومع تولي حكومة سورية جديدة زمام الأمور، أطلقت الأخيرة حملات واسعة النطاق لتفكيك شبكات التهريب المرتبطة بالنظام السابق. وأفادت التقارير بأن السلطات السورية دمرت العشرات من مصانع المخدرات التي كانت تُدار تحت حماية الفرقة الرابعة. ورغم هذه الجهود، لا تزال هناك تحديات كبيرة بسبب حجم التجارة غير المشروعة والمصالح المالية الكبيرة المرتبطة بها.
التقارير الأممية، إلى جانب تصريحات مسؤولين غربيين، أكدت أن إيران والميليشيات التابعة لها، ولا سيما حزب الله، تعتمد بشكل كبير على تهريب المخدرات لتمويل عملياتها. ووفقاً لهذه التقارير، أصبح الكبتاغون المصدر الرئيسي للإيرادات غير المشروعة لهذه الجماعات، مما يجعل جنوب سوريا نقطة انطلاق رئيسية لتهريب المخدرات إلى دول الجوار.
رداً على هذه التحديات، أبرم الأردن اتفاقية أمنية مع الحكومة السورية الجديدة لتعزيز التعاون في مكافحة التهريب عبر الحدود. وشهد هذا التعاون تنفيذ القوات السورية لعمليات مداهمة استهدفت العديد من مصانع المخدرات، بعضها كان محمياً في السابق من قبل قوات تابعة للنظام القديم. ومع ذلك، يرى محللون أن الجهود المشتركة لا تزال تواجه عقبات كبيرة بسبب طبيعة الشبكات المنظمة التي تدير عمليات التهريب وحجم الأموال المتداولة.
وتشير التحركات الأردنية إلى وجود تهديدات أكبر تتجاوز مجرد التهريب عبر الحدود. فبحسب مسؤول عسكري أردني بارز، "القضية ليست فقط قضية حدود، بل تتعلق بالأمن القومي ككل. لا يمكننا أن نسمح لهذه الشبكات، التي تحصل على تمويلها من طهران، بأن تستمر في زعزعة استقرار المنطقة". وأضاف المسؤول أن تهريب المخدرات يشكل جزءاً من استراتيجية أوسع تهدف إلى إضعاف استقرار الدول المجاورة وزيادة نفوذ الميليشيات المسلحة في المنطقة.
إقرأ أيضاً: عام السقوط: نهاية نفوذ إيران الإقليمي
وفيما يعكس حجم المشكلة، تشير تقارير ميدانية إلى أن تجارة المخدرات غير المشروعة، وخاصة الكبتاغون، قد أصبحت صناعة مزدهرة تدر أرباحاً بمليارات الدولارات سنوياً. ووفقاً لخبراء أمميين، فإن استمرار هذه التجارة يمثل تهديداً أمنياً واقتصادياً لا يقتصر فقط على الأردن وسوريا، بل يمتد إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط وأوروبا.
وفي إطار الجهود الدولية لمكافحة هذه الظاهرة، دعت دول غربية، بما في ذلك الولايات المتحدة ودول أوروبية، إلى زيادة الضغط على إيران والميليشيات التابعة لها لوقف نشاطاتها المتعلقة بتهريب المخدرات. ووفقاً لمسؤولين غربيين، فإن تعزيز التعاون بين دول المنطقة ضروري لمواجهة هذه التحديات المشتركة.
بشكل عام، يبرز التصعيد الأردني الأخير الحاجة الملحة إلى مواجهة شبكات التهريب والميليشيات المدعومة من إيران، التي تسعى إلى استغلال التجارة غير المشروعة كوسيلة لتمويل أنشطتها العسكرية والسياسية. ويؤكد المسؤولون الأردنيون أن بلادهم ستواصل اتخاذ خطوات صارمة لحماية حدودها والحفاظ على أمنها القومي، بما في ذلك استخدام القوة العسكرية عند الضرورة.
إقرأ أيضاً: وثائق مسربة تكشف عن أجندة النظام الإيراني المتفككة في سوريا ولبنان
وفي سياق ذلك، بات واضحاً أن النظام الإيراني، بفشله في تحقيق أي نجاح سياسي واقتصادي، قد دخل في مأزق غير مسبوق. سياسات خامنئي تسببت في خسارة النفوذ داخل المنطقة، حيث فقد النظام الإيراني توازنه في لبنان، ولم يتمكن من تقديم الدعم لحزب الله كما كان معتاداً من خلال سقوط نظام الأسد. فمع ضيق الخيارات أمامه، تجد إيران نفسها في عزلة سياسية لم يعد بإمكانها الخروج منها بسهولة. في الداخل الإيراني، تزايدت الاحتجاجات الشعبية الرافضة لوضع الدولة الاقتصادي والسياسي، حيث بدأت المؤشرات على انفجار شعبي وشيك، مما يعزز من التوقعات بانهيار محتمل للنظام إذا استمر الوضع على ما هو عليه.