: آخر تحديث

مصير النظام الإيراني بعد سقوط الأسد

6
7
6

يفرض سقوط نظام الأسد في سوريا لغة الأمر الواقع إقليمياً ودولياً، إذ يُرغم القوى العالمية على التعامل مع النتائج على أرض الواقع بعد قطع أذرع النظام الإيراني وأوصاله من سوريا ولبنان. فهل يعيد المجتمع الدولي حساباته ليقف إلى جانب الشعب الإيراني في مسعاه إلى تغيير النظام وإقامة بديله الديمقراطي؟

نسلم جميعاً، على حدٍ سواء من إيران إلى العراق إلى الخليج إلى سوريا والأردن ولبنان وفلسطين واليمن، بأن التغيير الديمقراطي في إيران أمر ضروري سيعود على المنطقة بأسرها بالاستقرار والازدهار، حتى في سوريا الثورة التي انتصرت وأسقطت منظومة الدمار المتحالفة مع الملالي الذين تعاملوا مع الشعب السوري وثورته وفق سياسة الأرض المحروقة. ولم يكن الأردن بعيداً عن تلك السياسة، إذ دفع ثمناً باهظاً من جرائها واستُهدف بحجة الضرورة الملحة من أجل تحرير فلسطين. لكنهم لم يحرروا الجولان ولا فلسطين، ولم تنل غزة ولبنان منهم سوى تهييج القوى الدولية لصالح الكيان الإسرائيلي ودعمها للإبادة والتشريد. وما كانت تلك الحرب إلا مفتاح انهيار لمحور المقاومة والتضحية به بطريقة دراماتيكية سريعة لا تتماشى مع ما كنا نسمعه من جعجعة وصراخ.

ورغم ما تكبده الشعب السوري من تضحيات جسام، استطاع أن يستعيد بلاده رغم دمارها وخرابها، التي بدت على شكل بقايا متهالكة ليس فيها إلا الركام. ورغم حقارة إسرائيل وخستها بالإسراع بتدمير ما تبقى من أسلحة ومصانع، إلا أنَّ الشعب السوري تعامل بمنطق الآمال التي طال انتظارها في الآفاق، ومن أجلها تهون كل التضحيات والخسائر وتتضاءل أمام النصر الذي يعيد الحياة لشعبٍ عانى تسلط قيادته وتجبرها.

وبعد فناء غزة وتشريد شعبها، ودمار وهلاك في لبنان، وكل ذلك على مرأى ومسمع المجتمع الدولي الذي تعامل مع هذه الكوارث دون اكتراث، كون الأمر متعلقاً بالمنطقة العربية التي يسعون إلى ممارسة المزيد من الضغوط عليها لترويضها من خلال النظام الإيراني وأدواته الإقليمية. لكن اليوم، بعد انكسار الملالي في سوريا ولبنان وتضحيتهم بمحور المقاومة وانكسار هيبتهم، لم يعد لديهم الكثير ليمضوا به قدماً في سياسة المناورة والمساومة والابتزاز. لم يعد أمامهم، بعد كسر مشروع الهلال الإقليمي خاصتهم، سوى الانحسار بحذر في إيران والعراق ومنطقة الخليج واليمن.

إقرأ أيضاً: جنوب أفريقيا والموقف التاريخي

السؤال اليوم: ماذا لدى النظام الإيراني ليناور به؟ أما يزال المشروع النووي وسيلة يمكن استخدامها للتفاوض من أجل المناورة؟ أم أن السلاح النووي بات أمراً واقعاً وينتظر وقت الإعلان عنه كما تطرق البعض لذلك وكما صرح مسؤولون أميركيون ورئيس اللجنة الدولية للطاقة الذرية؟ هل ما يُشاع عن المشاريع الصاروخية الإيرانية المقترنة بالتوجه نحو امتلاك السلاح النووي واحدة من وسائل المناورة في ظل الهزيمة التي مُني بها النظام في سوريا ولبنان والمنطقة؟ هل دخل النظام الإيراني مرحلة الانزواء ثم الاحتضار التي قد يضطر فيها تيار عالمي بعينه إلى الانصياع لمطالب الشعب الإيراني بمجرد الوقوف إلى جانبه ومقاومته والاعتراف بشرعية نضاله وحقه وحق وحدات المقاومة في الدفاع عن نفسها في مواجهة الأجهزة القمعية للنظام الإيراني، وخاصة الحرس، كما قالها وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو؟

كمحبين للإنسانية ومخلصين صادقين لدولنا ومنطقتنا وشعوبها، نريد خلاصاً للشعب الإيراني واستقراراً للمنطقة. خلاصاً يحمي انتصار الثورة السورية ومكتسباتها وينمي بارقة الأمل في لبنان. خلاصاً يحرر اليمن والعراق ويعيد الأمن والأمان والاستقرار للمنطقة. ولن يكون ذلك إلا بتطبيق برنامج المواد العشر الذي تطرحه المقاومة الإيرانية، ويتماشى مع مصالح ومتطلبات دول وشعوب المنطقة، ويلبي طموحات جميع مكونات الشعب الإيراني.

إقرأ أيضاً: النظام الإيراني وأميركا: صراع موهوم ومصالح مشتركة

نعم، نرى القوى الدولية الحرة تقف إلى جانب الشعب الإيراني ومقاومته، لكن ذلك ليس كافياً. وعلى الشرعية الدولية أن تعترف بمعاناة الشعب الإيراني وتقر بشرعية مواجهته لما يعانيه من دكتاتورية وطغيان واستبداد طال الأرواح والكرامة وعقائد بعض شرائح الشعب الإيراني التي تعاني من العنصرية. فهل يمضي المجتمع الدولي ومؤسساته قدماً إلى جانب الشعب الإيراني وفق ما حدث من متغيرات إقليمية وعالمية؟ أم سيبقى ممسكاً بسياساته مسلطاً أدواته على المنطقة؟

إن غداً لناظره قريب.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف