: آخر تحديث

صيدنايا وسجون غزة.. وجهان لعملة واحدة

2
2
2

خرج معتقلو سجن صيدنايا الذي اشتهر بعمليات التعذيب والوحشية خلال سنوات حكم النظام السوري المنهار، من السراديب إلى النور، ووصلوا إلى بيوتهم والبكاء يسبق العناق، وينامون مع كوابيس سباب حراس المعتقل، ويستيقظون على حرية ما زالت عصيّة على التصديق. أغلبهم لا يعرف تهمته، ولماذا تم اعتقاله، لكن شهادة الجميع أثبتت تعرضهم لتصرفات وحشية لا يستطيع تحملها بشر. وفي ظل فرحتنا بالإفراج عن أهل سوريا، ظهرت علينا مجموعة من مقاطع الفيديو لتعذيب السجناء الفلسطينيين داخل سجون حماس بنفس الوحشية التي كان يمارسها نظام بشار الأسد قبل سقوطه.

في الوقت الذي يتعرض فيه شعبنا الفلسطيني لمحرقة بشعة في قطاع غزّة، تأكل الأخضر واليابس وتقتل كل شيء ينبض بالحياة، تجد حركة حماس المبررات اللازمة لتمارس هوايتها المفضلة في تكميم الأفواه والقمع والتنكيل وتكسير الأطراف، مع كل من يعارضها أو ينتقدها.

وإذا بحثنا في الجانبين، نجد أن هناك أوجه تشابه مذهلة بين نظام الأسد في سوريا وحركة حماس في قطاع غزة. فرغم أن حماس تدعي الاهتمام بالسكان، إلا أن الواقع يشير إلى خلاف ذلك.

حماس تتصرف بطريقة تؤكد أنها حركة منفصلة عن الواقع، تعيش في كوكب آخر، وكأن ما يحدث من مجازر يومية لا يعنيها. فمن لم يقم الاحتلال بتكسير أطرافه والتسبب له بالألم والمعاناة، تقوم هي بذلك بكل بساطة. والتهم مسبقة الصنع التي تملك حماس ووسائل إعلامها الكثير منها، جاهزة لتبرير هذه الوحشية غير المبررة.

وظهر في أحد مقاطع الفيديو قيام أفراد من حركة حماس بتعذيب أحد السكان بطريقة وحشية. وجاء هذا الموقف بسبب اعتراض السكان والنشطاء على مواقف حماس، بعد أن نظموا احتجاجات مناهضة للحركة اعتراضاً على رفضهم لهجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، الذي نتج عنه خراب على قطاع غزة، من قتل حوالى 45 ألف فلسطيني وإصابة حوالى 70 ألفاً، هذا بخلاف المفقودين بسبب الحرب الإسرائيلية على القطاع، بجانب المجاعة التي ضربت القطاع، فضلاً عن تشريد الأهالي في مناطق الإيواء وعلى الحدود وفي الصحراء، بعد أن هدمت إسرائيل بيوتهم وتركتهم بلا مأوى ولا مشرب ولا مأكل.

كما اختطفت الحركة سابقاً خمسة أشخاص بعد اتهامهم لها بالتسبب في الحرب على غزة وإعادة احتلالها من جديد بعد تشريد شعبها، وما يؤكد ذلك نية الحركة في إبرام صفقة مع سلطات الاحتلال من أجل العودة إلى رأس السلطة في غزة، دون النظر إلى إنهاء مأساة الأهالي وكذلك وقف الحرب على القطاع نهائياً.

إقرأ أيضاً: حماس وصفقة خيانة الأسرى

في ظل تزايد الأصوات المعارضة لحركة حماس في الأشهر الأخيرة، وتزايد غضب سكان غزة من الخسائر الفادحة التي لحقت بالقطاع منذ بداية الحرب، إلا أنها لم ترحم الضعفاء الذين عبروا عن رأيهم تجاه الحرب، وتسببت حماس في استفزاز وشيطنة الاحتلال ضد أهالي غزة وارتكاب أفظع إبادة جماعية في القطاع، سجلها التاريخ.

ما استوقفني حقاً، هو ما ردده أحد الفلسطينيين في مقطع فيديو، إذ أكد أن عناصر حماس حاولوا أن يكسروا أصابعه، حتى لا يتمكن مرة أخرى من كتابة انتقادات لهم أو لما قامت به الحركة في السابع من تشرين الأول (أكتوبر).

ولم تغفل حماس العالم الإلكتروني، فضبطت أحد المعارضين لها، والذي كتب متهماً الحركة بتقسيم الشعب الفلسطيني وسحق حلمهم في إقامة دولة. واعتقلته أكثر من مرة، بعد أن قال إن حماس تحظى بدعم كبير بين أولئك الذين هم خارج حدود غزة، والذين يجلسون تحت مكيفات الهواء في منازلهم المريحة، والذين لم يفقدوا طفلاً، أو منزلاً، أو عائلة أو مستقبلاً، أو ساقاً.

إقرأ أيضاً: صراع العشائر المسلحة وحماس في غزة

تاريخياً، تمتلك حماس سجلاً من العنف السياسي بحق الخصوم السياسيين في غزة. فاستهدفتهم بعمليات القتل والتشويه والاعتقال على يد رجال مسلحين مقنعين، كما نفذت عمليات إعدام دون محاكمة والتعذيب وإساءات أخرى. هذا بجانب الاحتجاز التعسفي بواسطة الاعتقالات المنزلية دون أي معايير قانونية. وهذا ما نفذه نظام بشار الأسد بالضبط. فتشابه النظامين واختلف المعذبون.

يبقى التفسير الوحيد لممارسة حماس التعذيب والتنكيل وتكسير الأطراف لمن يتجرأ على انتقادها، هو شعورها بالنقص ومحاولة يائسة وبائسة منها للظهور بمظهر المتحكم بكل شيء في قطاع غزة. وكأن مغامرتها الأخيرة لم تؤثر فيها شيئاً، وستظل تتصرف وتصر على أن حكم حماس قائماً رغم أنف الشعب الفلسطيني الكسير.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف