منذ سنوات عدة، أعلن أمين عام حزب الله حسن نصرالله، تمكن حزبه من الحصول على الصواريخ "الدقيقة" القادرة على ضرب أي مكان في إسرائيل رغم محاولات الأخيرة الحؤول دون امتلاكه لهذا السلاح.
ولطالما شكل امتلاك الحزب لهذا السلاح هاجسًا إسرائيليًا كبيرًا، نظرًا لدقته وقدرته التدميرية الكبيرة وإمكانية استهداف أيّ مكان في إسرائيل، ويأتي في مقدمتها المراكز الحيوية.
ومع اشتداد المواجهات بين حزب الله وإسرائيل، طفا إلى العلن السؤال الكبير حول الأسباب التي تدفع حزب الله إلى الإحجام عن استخدام هذا السلاح، خصوصًا بعدما تم التلويح به في عدة مناسبات سابقة.
ويتطرق طارحو هذا السؤال إلى سلسلة الضربات التي وجهتها إسرائيل للحزب في الأشهر الأخيرة، وتحديدًا عبر اغتيال القائد العسكري للحزب، فؤاد شكر، في قلب الضاحية الجنوبية أولًا، ثم استهداف الآلاف من عناصره بواسطة تفجير البايجر، والقضاء على قوة الرضوان والعديد من قادة الرعيل الأول المؤسس للحزب، ثم الضربة الكبرى عبر اغتيال أمينه العام. الاستهداف الأخير جعل كثيرين يعتقدون أن ساعة الصواريخ الدقيقة قد حانت، وأن على إسرائيل تلقي ضربة عبورها للخط الأحمر.
التوقعات بشأن استخدام هذا النوع من السلاح كرد انتقامي على اغتيال نصرالله استندت إلى ردة فعل الحزب يوم اغتيال أمينه العام السابق، عباس الموسوي، في السادس عشر من شباط (فبراير) 1992. يومها اتخذ حزب الله قرارًا بقصف الجليل للمرة الأولى في صراعه مع إسرائيل، عبر صواريخ الكاتيوشا التي كانت تشكل أقوى أسلحة ترسانته العسكرية.
ومع كسر قواعد الاشتباك، وتحول لبنان إلى ساحة الحرب الرئيسية في الشرق الأوسط، استمر السؤال المطروح: متى سيستخدم حزب الله أقوى أسلحته؟ وماذا ينتظر بعد؟ ولكن الرد على هذا السؤال لم يعد مقتصرًا على إجابة واحدة تتمحور حول اغتيال أو ضربة كبيرة تستهدف الحزب، وإنما أصبح يتناول مجموعة من الفرضيات يتم تداولها.
إقرأ أيضاً: إسرائيل تستثمر في فشلها
الفرضية الأولى تشير إلى أن حزب الله عمل بشكل حثيث منذ عام 2010 على محاولة الحصول على هذا السلاح، ولكنه لم ينجح بفعل استهداف إسرائيل لقوافل ومصانع أسلحة في سوريا طوال الفترة الماضية، وما إعلان الأمين العام السابق عن امتلاك حزبه للصواريخ إلاّ محاولة لإيهام الإسرائيلي بفشل غاراته واستهدافاته، ما قد يدفعه إلى تخفيف الضغط والمراقبة عن طرق إمداد الحزب على قاعدة أن الحزب أصبح يمتلك هذه الصواريخ رغم كل المحاولات التي بُذلت.
ثاني الفرضيات تؤكد حصول الحزب على هذه الصواريخ كما أعلن سابقًا، ولكن عملية الاختراق الإسرائيلي الكبير، سواء عبر أجهزة الاتصالات (البايجر وغيرها) أو عبر خرق بشري في رتب عالية داخل الحزب أو ضمن صفوف الحرس الثوري المعني بالتنسيق معه (حزب الله)، ساهمت في كشف مواقع وأماكن وجود السلاح الدقيق، وتم استهداف هذه المواقع بغارات جوية مكثفة وعلى مراحل متعددة. أصحاب هذه النظرية يستندون إلى أن إسرائيل ما كانت لتقدم على شن حرب مفتوحة بلا هوادة منذ منتصف أيلول (سبتمبر) الماضي لولا يقينها بأنها نجحت في سحب أقوى ورقة يمتلكها حزب الله، وبالتالي أزاحت عن كاهلها ردًا انتقاميًا لو حدث لتسبب بخراب كبير وأزمة سياسية في تل أبيب.
إقرأ أيضاً: أخطر من "البايجر"... خطط إسرائيل لحزب الله
النظرية الثالثة تتفق مع الثانية من ناحية تمكن حزب الله من الحصول على هذا السلاح، لكنها تفترق عنها من ناحية تمكنه من الحفاظ عليه حتى اللحظة في مخازن آمنة رغم كل الغارات التي شنتها إسرائيل، ولكن قرار استخدامه ليس بيده. هذه النظرية تشير إلى أن حسابات حيازة حزب الله على الصواريخ الدقيقة هي إيرانية أولًا وأخيرًا، بمعنى أن هذه الصواريخ يمكن اعتبارها وديعة لدى الحزب للثقة المطلقة به من قبل طهران، والتي تمتلك وحدها حصرية إدخال هذا النوع من السلاح إلى المواجهة في الوقت الذي تشعر فيه الأجنحة والأجهزة المرتبطة مباشرة بمرشد الثورة بخطر دائم على الداخل الإيراني.