منذ سنوات طويلة وأنا أتابع التطور المذهل الذي يعيشه ولي العهد المغربي مولاي الحسن، الذي بدأ يتصدى للأدوار السياسية والدبلوماسية منذ أن كان في الثالثة عشرة من عمره، لا سيما أنني قد استوطنت في المغرب لمدة خمس سنوات، وهي الأهم في مسيرتي المهنية.
حضوره اللافت، الذي يتجاوز سنه بكثير، أثار إعجاب الأوساط السياسية الدولية، حيث يشارك في المناسبات والأنشطة السياسية نيابة عن والده، الملك محمد السادس، مظهراً قدرة قيادية ملحوظة منذ سنوات الصبا. هذا التميز لم يأت من فراغ، إذ يبدو واضحاً أنَّ القصر الملكي المغربي، بمؤسساته الفكرية والاجتماعية، يُهيئه ليكون من بين أهم ركائز الدبلوماسية الملكية المستقبلية.
مولاي الحسن يتمتع بخصال فريدة تظهر في قدرته على التعامل مع قضايا محلية ودولية، وتبرز شخصيته القيادية في الأحداث العامة والملتقيات الدولية، حيث تعتمد ردوده المقتضبة على التفكير العميق، وتدل لغة جسده على مستوى عالٍ من الإعداد لقائد المستقبل. كل ذلك يعكس إعداداً نوعياً لشخصية محورية قد تشكل إضافة نوعية ليس فقط للمغرب بل للمنطقة ككل.
ولي العهد يظهر براعة في ملاحظة التفاصيل الدقيقة، وهي مهارة نادرة لدى القادة الشباب، وتمكنه من اتخاذ قرارات آنية في الأوقات الحرجة، فضلاً عن بصيرة استثنائية تجعل منه قائداً فطرياً.
مع استمرار تطور مسيرته، لا يمكن إنكار مدى أهمية التعليم في حياة مولاي الحسن، الذي يدرس حالياً العلاقات الدولية في كلية الحكامة والعلوم الاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد السادس. هذه الخطوة التعليمية، إلى جانب مشاركاته الفعالة في المناقشات والدروس الأكاديمية، تُظهر اهتمامه العميق بفهم الجوانب الجيوسياسية والتفاعل معها بشكل أكثر احترافية.
هذا التوجه يعكس تصميماً على صقل مواهبه الفطرية من خلال التعليم الجاد، مما سيؤهله ليكون واحداً من أبرز القادة في المستقبل. دور مولاي الحسن في الساحة السياسية يمتد إلى ما هو أبعد من الأنشطة الدبلوماسية التقليدية، واستقبال الوفود والرسائل الرسمية نيابة عن الملك يشير إلى ثقة كبيرة من والده في قدرته على التعامل مع قضايا حساسة وسرية.
إقرأ أيضاً: ما التداعيات الأخلاقية لوصول الذكاء الاصطناعي إلى مرحلة الوعي؟
ففي الآونة الأخيرة استقبل مولاي الحسن بقصر الضيافة بالرباط الأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبد العزيز، حاملاً رسالة شفوية من الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود إلى الملك محمد السادس. هذه الخطوة ليست مجرد إجراء بروتوكولي، بل إشارة إلى الاعتماد عليه في ملفات ذات أهمية استراتيجية.
وعلى الصعيد العسكري، يبرز دوره كقائد في المستقبل من خلال علاقته الوثيقة بالقوات المسلحة الملكية، إذ تسلّم مؤخراً برقية تهنئة وولاء للملك من طرف أسرة القوات المسلحة، بمناسبة الذكرى السنوية لعيد العرش. هذه المسؤوليات تعكس توازنه بين الأدوار السياسية والعسكرية، وهو توازن نادر في العالم الحديث، ويشير إلى قدرته على التحرك بمرونة بين مختلف المجالات.
إقرأ أيضاً: فخ الوقت: وهم الزمان والحقيقة الأبدية
أما على الصعيد الاجتماعي، يشارك مولاي الحسن في أنشطة اجتماعية وثقافية ورياضية، ما يعزز مكانته كشخصية جامعة تؤثر في مختلف طبقات المجتمع. هذه المشاركات لا تُحسب فقط كأداء شكلي، بل كجزء من استراتيجية ذكية تهدف إلى تعزيز شعبية ولي العهد وإرساء قواعد متينة لدوره المستقبلي في قيادة المملكة.
إن النبوغ السياسي والقيادي لمولاي الحسن يتجاوز الحدود المحلية، حيث يتضح أن لديه رؤية حديثة ومبتكرة، وهو يستلهم في ذلك حزم جده وذكاء والده.
أسلوبه الهادئ والمتزن يعكس إدراكه العميق لتعقيدات السياسة الدولية، وهو يميل إلى نهج دبلوماسي متوازن يتسم بالحكمة والمرونة، مما يجعله قادراً على التعامل مع التحديات السياسية والاقتصادية المتزايدة. يمكن القول إن مولاي الحسن، من خلال تفوقه التعليمي ومهارته السياسية، يمثل أحد أبرز القادة الشباب الواعدين على الساحة الدولية، والذي قد يكون له دور حاسم في إعادة تشكيل خريطة المغرب السياسية، ودوره المتنامي في المنطقة والعالم.