بركان الشرق الأوسط الهائج حالياً، وقد يزداد نشاطه ويهدد بقية الشرق الأوسط، أو قد تستطيع الجهود الدبلوماسية والحلول السياسية وقفه بهدنة طويلة أو مفاوضات سلام جادة حسب خارطة الطريق السعودية، لم يكن بركاناً طبيعياً.
لم ينشأ كبقية البراكين تحت الأرض ليقذف حممه عليها، ولكنه بركان أوجد على سطح الأرض وفي أقدس وأجمل بقاع الأرض (فلسطين الحبيبة) منذ إعلان وعد بلفور عام 1917، حيث ظهرت أفعى تل أبيب (إسرائيل الكبرى) التي تريد أن تمتد من الفرات إلى النيل. مرَّ هذا البركان بمراحل تنشيطية في حروب 1948 -1967 وما بعدها من حروب حتى هذه اللحظة، وفق هندسة تحديد مصير مبنية على البطش والقبضة الحديدية. فاقتلعت الدبابات أغصان شجر الزيتون وأسقط الرصاص حمامة السلام.
ظهرت بوادر السلام ونزع فتيل التوتر في الشرق الأوسط بتوقيع معاهدة كامب ديفيد عام 1978، ثم وقع زلزال طهران المدبر في عام 1979، وكان من آثاره ظهور أفعى العمائم (الخمينية). وظهر معها مبدأ تصدير الزلازل بدلاً من تصدير واستيراد المنافع وتنمية الشرق الأوسط. وخلال 45 عاماً، عملت أفاعي تل أبيب وطهران، مدعومة من القوى الكبرى كالولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا، على زعزعة أمن واستقرار الشرق الأوسط.
تضخمت الأفعى الإسرائيلية وقررت التهام ما حولها، فكان احتلال فلسطين وتهديد دول الطوق طابعاً إسرائيلياً يتكرر كل عام. أما الأفعى الإيرانية، فقد حرّكت أفاعيها بالوكالة في لبنان والعراق واليمن، وظهر لها أتباع من الأفاعي التي ترى أنها وصية على القضية الفلسطينية. وكان حسن نصر الله أشهر من روج لزلازل طهران في أواسط الثمانينيَّات، فرأى أنه لا وجود للبنان ككيان مستقل، وحدد نوع النظام والمشروع الذي يريده في لبنان، وألغى الجمهورية اللبنانية وألحقها بالجمهورية الإيرانية الكبرى، وألحق قيادته بقيادتها وبمسيرتها. ووصلت الأفعى الإيرانية لفلسطين وبثت سمومها فيها، فتحول قطاع غزة ولبنان لحلبة صراع للأفاعي.
إقرأ أيضاً: فلسطين قضية كل العرب
تعرض الشرق الأوسط لحروب وأزمات عديدة سابقة كانت عواقبها وخيمة عليه، ومستقبل الشرق الأوسط اليوم على المحك وبحاجة لجهود فوق العادة للتهدئة. فالوضع خطير ويميل للخطورة في ظل تأكيد وإصرار إسرائيلي على مهاجمة إيران، وما يلي ذلك من ردود فعل بين الطرفين تهدد أمن واستقرار الشرق الأوسط. أو قد تُغلب إيران مصلحتها على مصلحة وكلائها، وتبحث عن استرضاء إسرائيل بمقابل، حيث تضحي بلبنان والقضية الفلسطينية لضمان استمرار وجودها، بعد أن باعت رؤوس أفاعيها في لبنان وفلسطين، ومكّنت إسرائيل في فلسطين ولبنان أكثر من ذي قبل وقبضت الثمن. أم يصل الأمر إلى إنهاء دور أفاعي إيران بطريقة أو بأخرى إلى غير رجعة؟
إقرأ أيضاً: السعودية ونزع فتيل أزمات الشرق الأوسط
فهل يُسدل الستار على آخر فصول مسرحية الشرق الأوسط الحالية من مخرجها بعد أن مُنح دور البطولة للأفعى الإسرائيلية التي التهمت الأفاعي الإيرانية الوكيلة في لبنان وغزة فقط، وتعود باقي الأفاعي إلى سباتها إلى حين، أم يكون هناك فصل حاسم يصل إلى رأس الأفعى الأم في طهران؟
وعملية السلام في الشرق الأوسط يجب أن تمضي قدماً مهما كانت العوائق والعراقيل. فلا مستقبل للشرق الأوسط إلا بالسلام، وضرورة تكاتف المجتمع الدولي لتحقيقه. وبركان فلسطين وزلزال طهران حدثا بفعل فاعل، فهل هناك براكين وزلازل جديدة؟ وهل تدرك الرفلاء أنها أكلت من خبز خبزته؟