: آخر تحديث

اسعَوا لتربية أطفالنا ليكونوا راجحي العقل

22
19
26

لعل أهم ما يفكر به الزوجان هو أن يجعلا ذريتهما بمستوى عالٍ من الوعي والفطنة والذكاء والتربية الحسنة المتوجة بخلق قويم وعقل راجح وتهذيب عالٍ. وتعد هذه الأماني حلماً لو تحقق، سيجلب السعادة والهناء وراحة البال للزوجين. تلك ملاحظات ووصايا وخبرات طويلة من أبٍ خاض في مسالك تربية الأبناء عقوداً، كما راعى الأحفاد وعلّمهم وأرشدهم. وآمل أن تأخذوها بالحسبان، أيها الأبوان، كي تخلقوا من أطفالكم ما ينال رضاكم حتماً:

1. الموسيقى: لا تردعوا أولادكم من دراسة الموسيقى، سواء في البيت أو في معاهد الموسيقى. حسب الدراسات التي أجرتها جامعة نورث وسترن، أظهر الأطفال في المجموعات الموسيقية زيادات أكبر في معدل الذكاء الشامل لمن يستسيغ الفن والموسيقى. كما أن الموسيقى تمنع بعض الآثار الضارة للشيخوخة المبكرة، ويظهر تأثيرها الإيجابي مع تقدم العمر، ولا تقتصر منافعها على الطفولة والصبا.

2. ممارسة الرياضة: يقضي الرياضيون وقتاً أطول في الميدان وساحات اللعب مقارنةً بالمكتبة، وهذا ليس دليلاً على الذكاء إلا إذا تأكدنا من أن التلميذ يكرس الوقت لكليهما. بعد التمرين الرياضي، يلتقط الأطفال الكلمات الجديدة بنسبة 20 بالمئة أسرع من أقرانهم الذين لا يميلون إلى الألعاب الرياضية. يرتبط معدل التعلم ارتباطاً مباشراً بمستويات الجهد الدراسي وفق دراسة ألمان، حيث أدى نظام التمرين لمدة ثلاثة أشهر إلى زيادة تدفق الدم إلى جزء الدماغ الذي يركز على الذاكرة والفطنة العقلية. لذا يجب تحديد ساعات وجود الطفل في الميادين الرياضية، على أن يكرس معظم وقته أيضاً للدراسة.

3. تعليم القراءة: إذا كان لديكم طفل صغير يتعلم القراءة، فلا تدعوه يحدق في الصور الموجودة في الكتاب بينما يقوم أحد والديه بالقراءة كلها. عليكم لفت انتباهه إلى الكلمات. اقرأوا معه وليس له، إذ تظهر الأبحاث أن هذا يساعد في بناء مهارات القراءة لديه. قراءة الكتب المشتركة هي وسيلة فعالة لتعزيز القدرة على القراءة والكتابة في وقت مبكر للأطفال، فلا تقرؤوا للأطفال حصراً، بل اقرأوا معهم.

4. الانضباط الذاتي: يتفوق الانضباط الذاتي على معدل الذكاء في توقع من سينجح في الحياة. أظهرت الدراسات أن قوة الإرادة هي الأكثر أهمية لنجاح التلاميذ. الطلاب الذين وصلوا لمستويات عالية من قوة الإرادة حصلوا على درجات أعلى في فصولهم الدراسية ونجحوا في مدارس أكثر انتقائية كمدارس المتميزين. كانوا يعانون من غياب أقل، ويقضون وقتاً أقل في مشاهدة التلفزيون وساعات أكثر في أداء الواجبات المنزلية. الانضباط الذاتي ينبئ بالأداء الأكاديمي بشكل أقوى من معدل الذكاء.

5. الضمير والشعور بالمسؤولية: الضمير والشعور بالمسؤولية في الدراسة هما السمة الأفضل لتوقع النجاح في مكان العمل. الأطفال ذوو الضمير العالي يحصلون على درجات أفضل في المدرسة والكلية، ويقعون في مشاكل أقل، ويبقون متزوجين مع عوائلهم لفترة أطول حينما يكبرون. إنهم يعيشون لفترة أطول من أقرانهم الذين لا يعبؤون بمسؤولياتهم، ولديهم عدد أقل من السكتات الدماغية، وانخفاض في ضغط الدم، ومعدل الإصابة بمرض الزهايمر لديهم ضئيل جداً. هنا يبرز مدى أهمية عملية الانضباط الذاتي لأجيالنا المقبلة للحدّ من الانفلات وتحجيمه تماماً.

6. النوم: إن فقدان ساعة من النوم يحول دماغ تلميذ الصف السادس إلى دماغ طالب بالصف الرابع، أي يعادل فقدان عامين من النضج والتطور المعرفي. هناك علاقة وطيدة بين الدرجات ومتوسط كمية النوم. كان متوسط نوم المراهقين الذين حصلوا على علامة ممتاز حوالى 15 درجة أكثر من طلاب الدرجة الثانية، الذين بلغ متوسطهم 10 درجات. لذا، لا تحرموا أطفالكم من النوم، فالحرمان من النوم قد يجعله ميالاً إلى الغباء وربما البلاهة تدريجياً على مر السنين.

7. التوازن بين الدراسة والترفيه: التركيز على القراءة والدرس والتحضير المتواصل، لكن دون منع الأطفال من مشاهدة الأقراص المدمجة النافعة وألعاب الفيديو في أوقات الفراغ ولفترات محددة. الإدمان على المشاهدات الإلكترونية قد يسبب البلاهة والشرود الذهني، خاصة في الأعمار دون الأربع سنوات. لذا، تكون الأولوية للتعليم الدراسي باعتباره العملية الأكثر نشاطاً لنمو وسعة الأفق العقلي.

8. التغذية: أظهرت الأبحاث أن الأطعمة عالية الكربوهيدرات والألياف وبطيئة الهضم، مثل دقيق الشوفان، هي الأفضل. يجب أن يأكل الطلاب طعاماً مختلفاً قبل أسبوع من الامتحان. حيث تم اختبار 16 طالباً على سرعة الانتباه والتفكير، ثم تناولوا نظاماً غذائياً عالي الدهون منخفض الكربوهيدرات لمدة خمسة أيام، وتم اختبارهم مرة أخرى، فانخفض أداؤهم بشكل واضح. كما تظهر الأبحاث أن الكافيين والسكر يمكن أن يكونا معززين للدماغ ولهما تأثيرات مفيدة على الأداء المعرفي، فهما يزيدان من كفاءة نظام الانتباه. لذا، من الضروري تقديم طعام منتقى يساعد على إبراز قدرات الطالب العقلية ويزيد من توقّده الذهني.

9. خلق السعادة: اجتهدوا لخلق السعادة لأطفالنا، إذ يكون الأشخاص السعداء أكثر نجاحاً من الأشخاص غير السعداء في العمل والحب. يحصلون على تقييمات أداء أفضل، ولديهم وظائف مرموقة، ويكسبون رواتب أعلى حينما يكبرون ويدخلون سوق العمل. وهم أكثر عرضة للزواج الناجح، وبمجرد أن يتزوجوا، يصبحون أكثر رضا عن زواجهم. الخطوة الأولى في خلق أطفال أكثر سعادة هي أن نكون آباء وأمهات أكثر سعادة، لأن جهودنا لم تذهب سدى.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف