رغم فشل رهاناته في منع حصول الكرد على منصب محافظ كركوك إثر انتخاب ريبوار طه ممثلاً عن الاتحاد الوطني الكردستاني لهذا المنصب بعد شهور طويلة من الشد والجذب، لا يزال الحزب الديمقراطي الكردستاني مصرًا على المضي في سياساته الخاطئة التي امتدت على مدار السنوات الماضية، خاصةً فيما يتعلق بقضية كركوك، والتي تسببت في تعطيل انتخاب محافظ كردي لها على مدى 7 سنوات، إثر مغامرة الاستفتاء المولود ميتًا.
وقد استغلت قوى شوفينية وعنصرية في العراق وخارجه هذا الوضع لصالح تكريس أجنداتها المعادية للقضية الكردية، والتعايش، والديمقراطية، والتنوع في كركوك.
بدلاً من الإمعان في خياراته الخاسرة، ينبغي على الحزب العودة لوحدة الصف الكردية، بل وتقديم الاعتذار للكركوكيين عامةً، وللكرد خاصةً، عن سياساته المشبوهة والعقيمة التي انعكست سلبًا على المحافظة، وعلى هويتها الكردستانية، واستقرارها، وتعايش مكوناتها وتفاهمها وفق الاستحقاقات الديمقراطية والانتخابية.
لكن الحزب لا يزال يحاول عبثًا الانقلاب على نتائج العملية الديمقراطية وعدم احترام إرادة الكركوكيين، كما ظهر في تصريحات متحدثه الذي يذرف الدموع على ما سماها "صيغة الثلاثي" لمنصب المحافظ، والذي يجب أن يكون بالمداورة بين العرب والتركمان والكرد وفق رأيه، وهو بدعة وتقليد ببغائي لدعوات طرف إقليمي معين.
إقرأ أيضاً: انتخابات كردستان بين تمسك الاتحاد وتهرب الديمقراطي
الاتحاد الوطني الكردستاني هو صاحب الكتلة الفائزة الأكبر بواقع ستة مقاعد، وهو الأحق بمنصب المحافظ، وهو ما تم تطبيقه وفق السياقات القانونية والتوافقات السياسية. ولن يطعن في شرعيته اللطم والندب، سواء من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني أو غيره.
وهكذا تطغى الأنانية والكيدية والعصبية لدى هذا الحزب الذي يتشدق بكردستانيته لفظيًا، بينما يمارس في الواقع سياسة متناقضة ومبتذلة تسهم في زعزعة الاستقرار في كركوك، وتحاول بلا جدوى عرقلة ترجمة نتائج الانتخابات، والتي تفيد بأن الكرد هم الغالبية والقوة الأولى في المحافظة، فقط في محاولة للنيل من منافسه الكردي، ولو تطلب الأمر التعاون مع أطراف تدعم تعريب كركوك تارةً وتتريكها تارةً أخرى، ورهنها بأجندات إقليمية توسعية غير عراقية.
إقرأ أيضاً: كيف أنقذ الاتحاد الوطني ديمقراطية كردستان؟
في المقابل، ينهمك الاتحاد الوطني الكردستاني، بصفته القوة الأولى في كركوك، في إمساك زمام مبادرة إصلاح البيت الكركوكي الموزاييكي، ونفض غبار مرحلة محافظ الأمر الواقع راكان الجبوري، والإعداد لبدء صفحة جديدة تطوي ما حدث منذ 2017، بالتشارك مع كافة مكونات كركوك. وقد تمكن، بإشراف مباشر من رئيسه بافل جلال طالباني، من إدارة معركة المحافظ ببراعة وحذاقة وحسمها بطريقة قانونية تتسق مع نتائج الانتخابات، وتأخذ في الاعتبار حقوق ومصالح كافة المكونات، وفق سياسة "شدة ورد" التي انتهجها الرئيس مام جلال، مما قطع الطريق على أحلام المرتهنين لأجندات الآخرين ومنفذيها.
في الوقت الذي كان فيه مسعود بارزاني يجتمع بممثلين عن بعض العرب والتركمان لمحاولة إقصاء الاتحاد والطعن في كردستانية كركوك والالتفاف على الديمقراطية والتشاركية، كان بافل طالباني قد وضع اللمسات الأخيرة بالتنسيق مع مختلف القوى الوطنية والمكوناتية على جلسة انتخاب المحافظ.