بور او برنس: يحاول أكثر من 300 طفل من هايتي أن ينسوا أقلّه لفترة قصيرة، عنف عصابات أجبرتهم على الفرار وترك منازلهم، من خلال نشاطات وأعمال يدوية وألعاب يمارسونها في مدرسة سان-لوي دو غونزاغ التي تحولت إلى ملجأ يؤويهم.
وبعدما فُصلوا موقتاً عن ذويهم، يستريح الأطفال على فرش رفيعة وُضعت على الأرضية الخرسانية للمدرسة الواقعة في العاصمة بور او برنس ويمضون وقتهم في ممارسة نشاطين يتولى مدرّبون تنظيمهما.
وتقول الراهبة بايزي، وهي مديرة منظمة كيزوتو المسؤولة عن سكنهم في المدرسة التي يتولى إدارتها رهبان كاثوليك، لوكالة فرانس برس إنّ الأطفال "تعرّضوا لصدمة، ولكن إذا بدأوا يمارسون كرة القدم فسيعاودون الشعور بطفولتهم".
وتضيف الراهبة الفرنسية التي تعيش في هايتي منذ 23 سنة "عندما نتحدّث إليهم، ندرك أنّهم شاهدوا أموراً مروعة".
ساحة معارك
وقبل نحو أسبوعين، تحوّلت منطقة سيتيه سولاي التي كان يقطنها الأطفال والواقعة في ضواحي بور او برنس إلى ساحة معارك بين عصابات متناحرة.
وأدّت هذه الصدامات التي استمرت بين 8 و 17 تموز/يوليو إلى مقتل وجرح وفقدان أكثر من 471 شخصاً، بحسب آخر حصيلة سجلتها منظمة الأمم المتحدة. ودفعت هذه التطورات كثيرين إلى الفرار من المنطقة.
وتشير الراهبة بايزي إلى أنّ الغالبية العظمى من الأطفال الذين يضمهم الملجأ خسروا منازلهم نتيجة إضرام أفراد العصابات النيران فيها.
وتضيف "إنّ طفل إحدى النساءكان موجوداً داخل المنزل فقضى احتراقاً"، مشيرةً إلى "طفلة شاهدت والدها وهو يحترق امام عينيها".
وتبرز من بين الأشخاص الذين استقبلتهم مدرسة سان-لوي، اللاجئة ديولا دوبريفيل مع أبنائها الأربعة وهي اضطرت للفرار من المنطقة فوراً.
وتستذكر صاحبة الجسم النحيل ما حصل قائلةً "سقطت الرصاصات داخل منزلي".
وتضيف دوبريفيل التي لم تسمع أي خبر عن زوجها منذ أكثر من أسبوعين "عندما خرج زوجي من المنزل انهالوا عليه بالضرب وتسببوا له بإصابة في الرأس".
من جانبها، تقول نيكول بيار، وهي أم لتسعة أبناء ومن البالغين القلائل الذين تمكنوا من الفرار من منطقة المعارك في الوقت نفسه مع الأطفال "إنّ الجميع في المدرسة يوفّرون المساعدة لنا".
إلا انّ شقيقها لم يحظ بفرصة الفرار وقُتل برصاصة في بطنه أثناء محاولته مغادرة الحيّ الذي كان يقطنه.
وفي المجموع، نجح أكثر من 800 طفل بالإضافة إلى عشرين شخصاً بالغاً بالفرار من منطقة سيتيه سولاي بفضل مساعدة مؤسسات دينية تولت إجلاءهم في عملية كانت محفوفة بالمخاطر.
وتقول الراهبة بايزي إنّ "مديرة إحدى مدارسنا أظهرت شجاعة كبيرة، لأنّ رجال العصابات صوّبوا أسلحتهم إليها".
وتضيف "نجحت في إقناعهم من خلال قولها لهم إنّ هؤلاء مجرد أطفال".
ووُزّع الأشخاص الذين تم إجلاؤهم على ستة مراكز إيواء، من بينها مدرسة سان- لوي دو غونزاغ.
وبعدما وُضعت الكراسي والطاولات الدراسية إلى جانب الجدران، حوّل الموظفون إحدى الصفوف إلى مستودع لتكديس ملابس ومنتجات تنظيف تبرعت بها منظمات غير حكومية وعدد من الأفراد.
وكالات إنسانية
وقدمت مجموعة من الوكالات الإنسانية المساعدة بدورها، إذ وفّر برنامج الأغذية العالمي أكثر من عشرة آلاف وجبة ساخنة لكل المراكز التي استقر فيها القصّر من دون أهلهم.
ومع انّ العائلات تستمتع بما يوفّر لها، إلا انها تدرك أنّ ايواءها ليس إلّا موقتاً.
ومع اقتراب بداية العام الدراسي، سيتعين عليها مغادرة مراكز الإيواء في غضون أسابيع قليلة.
وتقول الراهبة بايزي بقلق إنّ "العائلات التي لديها أقارب خارج سيتيه سولاي ستلجأ إليهم"، لكنّ نصف الموجودين في مراكز الإيواء "ليس لديهم حل بديل مماثل".