: آخر تحديث

الكويت والخليج في مواجهة المستجدات

3
4
3

باستثناء سنغافورة وبروناي لا توجد دولة صغيرة بالغة الثراء، قليلة السكان، ليست بالقوة الكافية عسكريا، كما هو حال بعض دول المنطقة. كما أن الأمن الإقليمي محمي أو مؤمن بالنفوذ الغربي، الذي تمثله، في الغالب، الولايات المتحدة الأمريكية، وقواعدها في المنطقة.

مع ظهور المستجدات الأخيرة على الساحة الدولية، ومع الانحراف الحاد المتوقع في السياسة الأمريكية، على الأقل في السنوات الأربع المقبلة، التي قد تمتد للضعف، بفوز نائبه الحالي بالرئاسة. ورغبة أمريكا في الانكفاء للداخل، والتوقف عن لعب دور الشرطي الدولي، نجد أن دولنا ستجد نفسها قريبا معرضة إما لبذل أو بالأحرى دفع شيء مقابل تلك الحماية الأمنية، أو الانكشاف الأمني، وهذا يتطلب من دول مجلس التعاون النظر في أو البحث عن حلول، داخل وخارج الصندوق، لضمان أمنها واستمرار رخاء شعوبها، لكن كيف يمكن تحقيق ذلك؟

ليس من السهل طبعا الإجابة عن هذا السؤال، لكن يرى المراقبون والمحللون السياسيون ان على دول مجلس التعاون، التي تتمتع اثنتان منها، على الأقل، بمزايا بشرية واستراتيجية كبيرة، تكثيف تعاونها، ووضع عدة خطط واستراتيجيات لحماية نفسها من الضغوط أو المطالب المحتملة من أية جهة كانت، لتجنب خطر الانفراد بكل منها على حدة. كما يتطلب الأمر الاسراع في تنويع تحالفاتها الدولية، وتعزيز علاقاتنا، من خلال عقد تحالفات وتفاهمات مع القوى الأخرى، العالمية مثل الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي، والهند، والإقليمية كتركيا، وحتى إيران، وجعلها أوثق وأكثر متانة، مع بث روح جديدة في منظومة مجلس التعاون، وزيادة أهمية دورها التوحيدي، وإعطائها زمام المبادرة، والتحرك بدبلوماسية موحدة، خاصة في القضايا الأمنية والأمور الخارجية، لتصبح صوتا وقرارا، سياسيا واقتصاديا واحدا، مع اتباع سياسة نفطية موحدة، والعمل على حل كل النزاعات الحالية بين دول المجلس، فالمخاطر التي تحيط بنا اكبر من اي نزاع على أرض أو بئر.

كما يتطلب الأمر زيادة عسكرة المجتمع، من خلال برامج تجنيد مدروسة بدقة، تشمل فئات عمرية أوسع، مخصصة للذكور والإناث. والاستثمار المكثف والموحد في الصناعات الدفاعية المحلية، وتطوير قطاعات التكنولوجيا والتمويل والسياحة، والاستعانة بالكفاءات الدبلوماسية، التي سبق أن أحيلت للتقاعد، وتكليفها مهام توثيق علاقاتنا بالدول العظمى، وتحسين صورتنا كدول محبة للسلام، لها سجل مشرف في مساعدة الدول الأخرى.

كما يتطلب الأمر العمل، مجتمعين، على تكوين جماعات ضغط في عواصم الدول الكبرى، سواء من خلال سفارات دول المجلس، أو من خلال مصالحها الضخمة في تلك الدول، وتسليط الضوء، من خلال وسائل إعلامها، على الدور الإنساني الذي لعبته وتلعبه دول المجلس، وحجم مساعداتها الكبير والذي شمل العالم أجمع، تقريبا. كما يجب أن يتزامن ذلك مع التزام دول المجلس الكامل كل المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، والمتاجرة بالبشر، وتنفيذ الإصلاحات التشريعية، وتمتين التعاون الأمني بين دول المجلس، ووضع خطط لحماية أصول دول المجلس في الخارج، في حالة فرض عقوبات أو إجراءات قانونية محتملة عليها.

كما على دول المجلس توطيد وجودها ضمن الهيئات الدولية مثل محكمة العدل الدولية، ومنظمة التجارة العالمية، وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وجميع هذه الأمور، إن تحققت، يمكن أن توفر لدول المجلس طبقات إضافية من الحماية والدعم في مواجهة أية مواقف، غير سارة، محتملة.

 

أحمد الصراف

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد