: آخر تحديث
"سباينز" تشعل غضب الكتّاب بخطط نشر 8,000 كتاب بلا "روح"!

هل يكتب الذكاء الاصطناعي نهاية صناعة النشر؟

13
19
11

إيلاف من لندن: عندما نتحدث عن الكتابة والنشر، نتخيل سنوات من الجهد، جلسات مطولة للتحرير، ومراحل لا حصر لها من المراجعة والتدقيق. لكن ماذا لو حلت تقنيات الذكاء الاصطناعي محل هذه العملية الطويلة؟ هل يمكن لخوارزميات ذكية أن تختصر شهورًا من العمل إلى أسابيع، وتعيد تشكيل صناعة النشر كما نعرفها؟

شركة "سباينز" الناشئة تدعي أنها تملك الإجابة، ولكن خططها لنشر 8,000 كتاب في عام واحد باستخدام الذكاء الاصطناعي أثارت موجة غضب واتهامات بأنها قد تكون بداية النهاية لأصالة الكتب وجودة المحتوى الأدبي. فهل نحن أمام نقلة نوعية تسرّع الإبداع أم أزمة قد تفقد الكتابة جوهرها الإنساني؟

تعرض الشركة خدماتها للمؤلفين بأسعار تتراوح بين 1,200 دولار و5,000 دولار لكل كتاب، تشمل عمليات التحرير، المراجعة، التصميم، التنسيق، والتوزيع.

تروج "سباينز" لفكرتها على أنها "منصة نشر" تسعى لتسريع العملية التقليدية التي قد تستغرق شهورًا أو حتى سنوات. وأكدت الشركة أنها تستطيع تقليص وقت النشر إلى ما بين أسبوعين وثلاثة أسابيع فقط.

ولكن بدلاً من الإشادة، وُجهت انتقادات لاذعة لهذه الخطوة، وسط اتهامات بأن الشركة تهدد أصالة صناعة النشر التقليدية وتفتح الباب أمام محتوى منخفض الجودة يعتمد على الذكاء الاصطناعي.

انتقادات حادة من الكتّاب والناشرين

لم يتأخر رد الفعل من قبل الناشرين المستقلين والكتّاب الذين عبروا عن استيائهم من نموذج العمل الذي تتبعه "سباينز".

دار النشر المستقلة "كونغيت" وصفت الشركة عبر منصة "بلو سكاي" بأنها "لا تهتم بالكتابة أو الكتب"، مضيفة: "هذه الشركة لا تقدم سوى أتمتة العملية لتقديم كتب بلا عناية أو حرفية".

الكاتب سويي ديفيز أوكونجبوا، المعروف بكتابه Lost Ark Dreaming، وصف الشركة بأنها "انتهازية ورأسمالية استغلالية". وقال في منشور له: "هؤلاء ليسوا أشخاصًا يهتمون بالكتب أو القراءة أو بأي شيء متعلق بهذا المجال. إنهم مجرد انتهازيين يحاولون استغلال المؤلفين".

"سباينز" تدافع: "لسنا شركة نشر ذاتي"

في مواجهة هذه الانتقادات، دافع يهودا نيف، المؤسس المشارك لـ"سباينز"، عن نموذج العمل. وأوضح أن الشركة ليست دار نشر ذاتي أو شركة نشر تقليدية، بل "منصة نشر" تقدم الدعم للمؤلفين مع الحفاظ على حقوق الملكية بنسبة 100%.

ولكن حتى هذا التوضيح لم يُقنع الكثيرين. وكتبت ديدري جيه أوين، المؤسس المشارك لدار النشر المستقلة "مانيسون برس"، عبر منصة "إكس": "بغض النظر عن كيفية تقديمهم لنموذج عملهم، هم في النهاية مجرد دار نشر ذاتي".

مخاوف بشأن الأصالة والجودة

الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في عملية النشر أثار مخاوف كبيرة بشأن جودة المحتوى وأصالة العمل الأدبي. ماركو رينالدي، أحد مقدمي بودكاست "Page One – The Writer’s Podcast"، أشار إلى أن الشركة "تسعى لتسريع عملية النشر الذاتي بطريقة لا تعمل بشكل جيد".

من جانبها، قالت آنا غانلي، الرئيسة التنفيذية لنقابة الكتّاب والمترجمين والرسامين في المملكة المتحدة: "ننصح المؤلفين بالتفكير بعناية قبل الالتزام بأي عقود تتطلب دفع الكاتب مقابل نشر عمله". وأضافت: "من غير المرجح أن يحقق المؤلف من هذه الطريقة ما يطمح إليه. كما أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يثير تساؤلات حول الأصالة وجودة الخدمة المقدمة، خاصة إذا كانت الأنظمة تُدرب باستخدام محتوى تم نسخه بشكل غير قانوني".

الذكاء الاصطناعي يتوسع في صناعة النشر

ما يزيد من الجدل حول "سباينز" هو أن هذه ليست المحاولة الأولى لدمج الذكاء الاصطناعي في النشر. أعلنت شركة "مايكروسوفت" مؤخرًا عن إطلاق مشروع مماثل يهدف إلى تسريع طباعة الكتب. كما توصلت دار النشر الشهيرة "هاربر كولينز" إلى اتفاق مع "مايكروسوفت" لاستخدام بعض عناوينها في تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي، مع الحصول على إذن مسبق من المؤلفين.

لكن النقاد يحذرون من أن تسارع هذه الخطوات قد يؤدي إلى تهديد الصناعة بأكملها، مع تراجع الحرفية والجودة لصالح السرعة والتكلفة الأقل.

مستقبل غامض للنشر والكتابة

بينما تروج "سباينز" لنفسها كمنصة تقدم للمؤلفين فرصة الاحتفاظ بحقوقهم كاملة وسرعة الوصول إلى الجمهور، يشير النقاد إلى أن هذا النموذج قد يؤدي إلى تراجع القيم الأساسية للنشر. يبقى السؤال حول ما إذا كانت هذه الخطوة ستعيد تعريف صناعة الكتب أم ستُدخلها في أزمة أصالة وجودة طويلة الأمد.

 

 

* أعدت إيلاف هذا التقرير عن صحيفة "الغارديان" البريطانية. التقرير الأصل هنا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ثقافات