هل كان لرواية "كوخ العم توم" للكاتبة هارييت بيتشر ستو دور في إنهاء العبودية في الولايات المتحدة الأميركية؟ على هذا السؤال، حاولت الأسبوعية الفرنسية "لوبس" الإجابة في مقال صدر في عددها الصادر في الأسبوع الثالث من شهر يوليو -تموز من العام الحالي. ويقول صاحب المقال إن سيدة في حوالي الخمسين من عمرها، تبدو عليها علامات الحزم والعزم، جاءت إلى "البيت الأبيض" بواشنطن في يوم من أيام سنة1862 لمقابلة الرئيس ابراهام لنكولن راغبة في اجراء حوار معه حول إمكانية انهاء العبودية في تلك الفترة التي كانت فيها الحرب مشتعلة بين الجنوب والشمال حاصدة عشرات الأرواح في كل يوم. وعندما استقبل الرئيس الأمريكي تلك السيدة التي كانت قد نشرت في سنة 1852 رواية بعنوان: " كوخ العم توم"، أدانت فيها استعباد السود، قال لها: " وإذن هي أنت السيدة الصغيرة التي أشعلت هذه الحرب". ويقول كاتب المقال أن المقابلة حدثت بالفعل، إلاّ أن ما قاله الرئيس لنكولن لهارييت بيتشر ستو قد لا يكون صحيحا تماما.
وكانت رواية "كوخ العم توم" قد أحدثت ضجة كبيرة عند صدورها رغم أنها كانت عاطفية أكثر من اللزوم ، ومكتوبة بلغة بسيطة، وبأسلوب لا يخلو من ركاكة. غير أن الموضوع الذي تطرقت إليه، أي موضوع العبودية كان في غاية الأهمية. وربما لهذا السبب لاقت الرواية حال صدورها نجاحا منقطع النظير. وعلى مدى سنوات طويلة، ظلت الأكثر مبيعا في الولايات المتحدة الأمريكية. كما قام مخرجون إلى تحويلها إلى مسرحية. وتقول المؤرخة الأمريكية كلير بارفيه إن "كوخ العم توم" هزّ مشاعر نسبة هائلة من الأمريكيين لأنه كشف لهم حقيقة العبودية المرعبة. وقوة هذه الرواية بحسب رأيها تكمن في هي أنها أعادت للسود انسانيتهم التي فقدوها جراء المظالم المسلطة عليهم في زمن العبودية. وحتى بعد أن تخلصت الولايات المتحدة الأمريكية من العبودية سنة1865، فإن الجنوب ظل حاقدا على هارييت بيتشر ستو. وعندما أصدرت مارغريت ميتشال روايتها الشهيرة: " ذهب مع الريح" سنة1936، والتي رسمت فيها صورة بديعة للحياة في الجنوب الأمريكي قبل الحرب، فإن هدفها كان الرد على هارييت بيتشر ستو التي قدمته في صورة بشعة. بل أن المثقفين السود انتقدوا أيضا رواية "كوخ العم توم" لأنها رسّخت في الذهنية الأمريكية صورة عنهم لا يزالون يعانون من تبعاتها إلى حد هذه الساعة. ويرى مناضلو القضية الزنجية الذين برزوا في الستينات من القرن الماضي أن بطل رواية "الكوخ العام توم" يستسلم في النهاية إلى أسياده البيض معتبرا إياهم "طيبين". ومعنى ذلك أنه لا يرغب في أن يتمتع بحريته كاملة. وكان مالكوم ايكس يُشبه السود الذين يرفضون العنف للحصول على حريتهم ب"العم توم". وفي خطاب له قال مارتن لوثر كينغ بأن السود الذين يشبهون "العم توم" يريدون أن يظل السود تحت رحمة البيض لكي يكونوا عبيدا دائما وأبدا.
وقبل أن تصدر روايتها المذكورة، كانت هارييت بيتشر ستو قد نشرت مقالا في مجلة أسبوعية روت فيه موت عجوز أسود يدعى توم جراء المظالم التي تجرعها. وكان مقالها سببا في ارتفاع مبيعات المجلة. وتحت تأثير ذلك المقال، قامت مجموعة من البيض والسود بمحاصرة مقر الشرطة في "سياراكوز" بولاية نيويورك مطالبة بإطلاق سراح زنجي استعاد حريته. وبعد أن عاينت النجاح الهائل الذي حققه مقالها، قررت هرييت بيتشر كتابة رواية مختارة لها عنوان: " كوخ العام توم".