الفرحة تختالنا عارمة، والبهجة في جوانحنا مشرقة، وهدير «الرياض» الباهر يكمل عقد «الريادة» في شتى الاتجاهات ومناحي التنمية والاقتصاد والثقافة المباركة.
ابتهج السعوديون من مثقفين وأدباء وكُتّاب ومتخصصين ومهتمين بإقامة «معرض الرياض الدولي للكتاب» في نسخته الحالية وتحويل أمنيتهم إلى واقع مقام على أرض "واجهة الرياض" بحضور عربي عالمي كبير.
فعلى مساحة 36 ألف متر مربع، استقر معرض الرياض الدولي للكتاب في نسخته "الناضجة" الثانية حد الإبهار، بإشراف وزارة الثقافة وتنظيم هيئة الأدب والنشر والترجمة؛ ليضم بين جنباته خلاصة العقول في علوم ومعارف وفنون تحفز الوعي وتغذي العقول تحت سقف واحد طوال عشرة أيام؛ لتجنى ثمار ما زُرع فيها من أعوام، مع إطلالة مميزة لضيف شرف هذا العام، تونس الشقيقة، ناقلة حضارتها عبر مشاركات نوعية لمجموعة من الأدباء والفنانين لتقديم نموذج أصيل حول الأدب والفن التونسي الأصيل.
بالطبع أهمية معرض الرياض الدولي للكتاب أنه ينطلق من عاصمة تعدّ مركز صناعة القرار السياسي والاقتصادي في دولة محوريّة بمنطقة الشرق الأوسط، ولما تمثله كعاصمة رمزية للقيم الروحية والأخلاقية في العالم العربي والإسلامي، كما أنها تجمع مهم لمثقفي العالم العربي؛ وللمتابع جيداً وعبر تاريخها الثقافي يجد أن «السعودية» دولة مؤثرة في النشر العربي إن كان عبر دور نشرها المحلية أو استضافتها لدور النشر العربية والعالمية أو من خلال "السعوديين" رواد المعارض الدولية للكتاب.
معارض الكتاب اليوم، وكما يراه الكثير من أربابها، لم تعد قوةً ناعمة فحسب، بل أصبحت الآن قوة «خارقة»، وذراعاً قوية للثقافة والأصالة لخدمة الدول واتجاهاتها واستعداداتها وقضاياها وصورتها حتى مستقبلها وأكثر!
ومنه عُقد «المعرض» في نسخته 2022 وعلى مدى أيامه، ناقش فيها تجارب ثقافية عابرة للقارات وكثيرًا من القضايا والمحاور والموضوعات المستجدة، التي تُقارب التطورات والتحولات التي طالت الثقافة والأدب، والاستخدامات الثقافيّة كوسيلة تأثير وقوة ناعمة، طرزتها جلسات عمل رئيسة، وحلقات نقاش نوعيّة متخصصة، بعرض تجارب عالميّة، وورش عمل نوعيّة، كما استقطب فيها عدداً من الأدباء والمثقفين الدوليين والعرب والسعوديين القادرين على تقديم محتوى وأفكار خلاّقة في التجارب الثقافية والأدبية ومتطلباتها، وأركان للطفل والطهي لاقت رواجاً كبيراً بامتياز.
يُحسب للقائمين على هذا الحلم، بل «العرس» الثقافي السعودي الكبير، ريادة استقبال أكثر من ألفي دار نشر من مختلف دول العالم، كحدث ثقافي "ناضج" بهذا الحجم تنظمه المملكة، وبحشد مميز بارز ومؤثر في مجال الثقافة والأدب والقوة الناعمة ومستقبلها، وبموضوعات ومحاور مهمة تتناسب مع طبيعة وظروف المرحلة الراهنة، وكذلك في تبني هذه الفكرة وتحويلها إلى واقع ضروريّ وحاجة ملّحة نتطلع لها منذ وقت بعيد بعدما كانت كل النسخ السابقة تتسم بالمحدودية والخطاب المحلي فقط!
بقي في آخر منعطف جماليّ في «المعرض»، أن ممّن عملوا خلف المشروع كانوا نماذج «سعوديّة» مميزة في الإخلاص والتنفيذ والإشراف، وقفوا بمهنية وباحترافية الأوطان؛ فوجب شكرهم بدءاً من «وزير الثقافة وبدرها» سمو الأمير بدر بن فرحان، ورئيس هيئة الأدب والنشر والترجمة الدكتور محمد حسن علوان وفريقه الاستثنائي الذي يدعوك للفخر والزهو بهم وأكثر؛ لمسنا منهم عملاً احترافيًا مميزًا خالصًا، بثقافة تنظيمية زاهرة بمكانة المملكة التي تليق بها، راسمة وميض عطر عاصمة الثقافة العربية «الرياض» والتي صافحت ضيوف «عُرسها» الثقافي بحميميّة لا تطمس أو تذوب؛ لنستلّ منها بهجةَ فخر النجاحات التي لا تنتهي!