إيلاف: ولدت آنا سوير في وارسو، بولندا، لعائلةٍ فنّيّة متواضعة. عملت في سنّ مبكرةٍ واتّجهت إلى دعم نفسها بنفسها عبر التحاقها بالجامعة لدراسةِ الأدب البولنديّ في العصور الوسطى وفي الثلاثينيات من القرنِ الماضي عملت في جمعيّة المعلمين كما خاضت تجربةً في التحرير وشرعت بعدها في كتابة الشّعر.
انخرطت في سلك المقاومة خلال الحرب العالميّة الثّانية وعملت ممرّضةً عسكريّة خلال انتفاضة وارسو وهذا ما كان له عظيم الأثر في تجربتها الشّعرية لاحقًا وتعاملها مع الجسد الإنسانيّ.
إضافة إلى الشّعر كتبت سوير وأخرجت العديد من المسرحيّات وقصص الأطفال وعاشت في تراكوف من عام 1945 حتّى وفاتها بمرض السّرطان في عام 1984.
ترّكز في شعرها على ثيماتٍ واضحة هي الحرب والتّجربة الإنسانيّة والجنسانيّة والجسد الأنثويّ وهو ما أصبح سمة ثابتة في شعرها بعد إصابتها بمرض السّرطان.
سأشرّع النّافذة
عناقُنا دامَ طويلًا
أحببنا بعضنا حتّى النّخاع
أسمعُ العظامَ تُطحن
وأرى هيكلانا العظميين
الآنَ أنتظركَ حتّى تفارق
حتّى تمسي طرطقة حذائكَ خارج السمع
الآن، الصّمت
الليلةَ سأنامُ وحيدةً
فوق ملاءات النّقاوة
الوحدة
أوّل تدبيرٍ صحّيّ
الوحدة ستغلّظُ جدرانَ الغرفة
سأفتح النّافذة
وسيدخلُ الهواء الوافر والبائت
صحّيًّا مثل التراجيديا
والأفكار البشريّة ستندسّ ومعها مشاغلهم
سوء حظّ الآخرين
وقداستهم ستنضوي بدماثةٍ ودِعة
لا تأتِ بعد الآن
أنا حيوانٌ نادرٌ بغزارة
عذريّة
على المرء أن يكونَ شجاعًا كي يعبرَ النّهار
إذ أنّ ما يبقى لا يعدو كونه لذّة إلى التّوق
الثمينِ للغاية
التّوق يطّهر مثلما يفعلُ الطيران
ويشد الأوصالَ مثلما يفعل الجهد
يرسم الروح مثلما يزيّن العملُ الخاصرة
إنه مثلَ رياضيّ
وعلى غرار عدّاءٍ لن يتوقفَ البتّة عن الركض
وهذاما يمنحه قدرة على التحمل
التّوق
مغذٍّ لمن هو قويّ
إذ أنه كنافذةٍ على برجٍ شاهق
تضرب فيه الرّيح الصلدة من نفسها
التّوق عذريةُ الغِبطة.